الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وفي التمر ) والزبيب ( لونه ونوعه ) كمعقلي أو برني ( وبلده ) كبصري أو بغدادي ( وصغر الحبات وكبرها ) أي أحدهما لأن صغير الحب أقوى وأشد ( وعتقه وحداثته ) أي أحدهما وكون جفافه بأمه أو الأرض كما قاله الماوردي فإن الأول أبقى والثاني أصفى لا مدة جفافه إلا في بلد يختلف بها ، [ ص: 210 ] ولا يصح السلم في التمر المكنوز في القواصر وهو المعروف بالعجوة لتعذر استقصاء صفاته المشترطة حينئذ ، ولأنه لا يبقى على صفة واحدة غالبا كما نقله الماوردي عن الأصحاب وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، ويذكر في الرطب والعنب غير الأخيرين ، والرطب كالتمر ومعلوم أنه لا جفاف فيه ( والحنطة وسائر الحبوب كالتمر ) فيما ذكر حتى مدة الجفاف بتفصيلها ، ومر عدم صحة السلم في الأرز في قشرته العليا كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا لما في فتاوى المصنف كالبحر إذ لا يعرف حينئذ لونه وصغر حبه وكبرها لاختلاف قشره خفة ورزانة ، وإنما صح بيعه لأنه يعتمد المشاهدة والسلم يعتمد الصفات ، ومن ثم صح نحو بيع المعجونات دون السلم فيها ، وبحث بعضهم صحته في النخالة ، وجرى عليه ابن الصباغ .

                                                                                                                            وهو ظاهر إن انضبطت بالكيل ولم يكثر تفاوتها فيه بالانكباس وضده ، ويصح في الأدقة فيذكر فيها ما مر في الحب إلا مقداره ، ويذكر أيضا كيفية طحنه هل هو برحى الدواب أو الماء أو غيره وخشونة الطحن أو نعومته ، ويصح في التبن فيذكر أنه من تبن حنطة أو شعير وكيله [ ص: 211 ] أو وزنه ، والمذهب جوازه في السويق والنشا ، ويجوز في قصب السكر وزنا : أي في قشره الأسفل ، ويشترط قطع أعلاه الذي لا حلاوة فيه كما قاله الشافعي رضي الله عنه ، وقال المزني : وقطع مجامع عروقه من أسفل وهذا هو الأصح ويطرح ما عليه من القشور ، ولا يصح السلم في العقار لأنه إن عين مكانه فالمعين لا يثبت في الذمة وإلا فمجهول ، ويصح في البقول ككرات وثوم وبصل وفجل وسلق ونعنع وهندبا وزنا فيذكر جنسها ونوعها ولونها وكبرها أو صغرها وبلدها ، ولا يصح السلم في السلجم والجزر إلا بعد قطع الورق لأن ورقها غير مقصود ، ويصح في الأشعار والأصواف والأوبار كما مرت الإشارة إليه فيذكر نوع أصله وذكورته أو أنوثته لأن صوف الإناث أنعم ، واغتنوا بذلك عن ذكر اللبن والخشونة وبلده ولونه ووقته هل هو خريفي أو ربيعي وطوله أو قصره ووزنه ولا يقبل إلا منقى من بعر ونحوه كشوك ، ويجوز شرط غسله ، ولا يصح في القز وفيه دوده حيا أو ميتا لأنه يمنع معرفة وزن القز أما بعد خروجه منه فيجوز ، ويصح في أنواع العطر كزعفران لانضباطها فيذكر وصفها من لون ونحوه ووزنها ونوعها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وعتقه ) قال الإسنوي بكسر العين مصدر عتق بضم التاء ا هـ ، وفي شرح المنهج بضم العين ا هـ عميرة ، [ ص: 210 ] وفي المصباح عتقت الخمرة من باب ضرب وقرب قدمت عتقا بفتح العين وكسرها ا هـ ، وفي القاموس عتق بعد استعلاج كضرب وكرم فهو عتيق ، ثم قال : والشيء قدم كعتق كنصر والخمر حسنت وقدمت ا هـ : فيفيد أن المصدر بالفتح والضم ولم يتعرض للكسر ، فيحتمل أن قول المحشي بكسر العين تحريف عن بضم العين ويدل عليه قوله : مصدر عتق بالضم ( قوله : المكنوز في القواصر ) لو لم يتعرض لكنزه فيها جاز قبول ما فيها ا هـ حج .

                                                                                                                            والقواصر جمع قوصرة وهي كما في المصباح بالتخفيف والتثقيل وعاء التمر تتخذ من قصب ( قوله : لتعذر استقصاء صفاته ) هذا قد يفهم صحة السلم في العجوة المنسولة وصرح بذلك شيخنا العلامة الشوبري ( قوله : لا يبقى على صفة ) أي لا يدوم على صفة ( قوله : غير الأخيرين ) أي عتقه وحداثته ( قوله : والرطب كالتمر ) ذكره توطئة لقوله ومعلوم إلخ ، وكأن المراد به دفع ما يوهمه التشبيه من أنه لا بد من بيان كون الجفاف بأمه أو على الأرض الذي زاده الشارح ، ثم ما ذكره في الرطب على هذا الوجه يأتي مثله في العنب وكأنه لم يذكره لعدم ذكره في المتن ( قوله : ومر ) أي في البيع ( قوله : في قشرته العليا ) أفاد شيخنا الشارح في إفتاء له أن الفول المدشوش متقوم ، ونقل عن والده عدم صحة السلم فيه ا هـ كذا بخط الأصل ، ونقله أيضا سم على منهج عنه ، وينبغي أن مثله المدشوش من غير الفول أيضا لاختلافه بعد دشه نعومة وخشونة ، وقد يخرج ذلك تعبير المصنف بالحبوب لأنها بعد دشها لا تسمى حبا ( قوله : وإنما صح بيعه ) أي في قشرته العليا ( قوله : في النخالة والتبن ) ومثله قشر البن ا هـ حج .

                                                                                                                            ولم يذكر هل يعتبر ضبط ذلك أهو بالكيل أو الوزن أو غيرهما ، وقياس ما اعتبره الشارح في النخالة من الكيل جريان مثله في التبن والقشر ، ثم ما صح مكيلا صح موزونا وعليه فيجوز في الثلاثة كيلا ووزنا ، ويعتبر في الكيل كونه بآلة يعرف مقدار ما تسع ، ويعتبر في كيله ما جرت به العادة في التحامل عليه بحيث ينكبس بعضه على بعض ، ولو اختلفا في صفة كيله من تحامل أو عدمه رجع لأهل الخبرة أو في صفة ما يكال به تحالفا لأن اختلافهما في ذلك اختلاف في قدر المسلم فيه ( قوله : إن انضبطت بالكيل ) أي أو الوزن ( قوله : إلا مقداره ) أي فلا يشترط لعدم اختلاف الغرض به ( قوله : ويصح في التبن ) ومثله قشر البن كما تقدم عن حج ومثله في الصحة الدريس خلافا لما وقع لسم فيصح السلم فيه كيلا أو [ ص: 211 ] وزنا ( قوله : والمذهب جوازه في السويق ) إفراده بالذكر وإجراء الخلاف فيه يدل على اشتماله على صفة زائدة على مجرد كونه دقيقا ، ويشعر به قول المصباح والسويق ما يعمل من الحنطة والشعير معروف ا هـ .

                                                                                                                            ووجه الإشعار أنه قال ما يعمل من الحنطة إلخ ولم يقل دقيق الحنطة والشعير ( قوله : ويطرح ما عليه من القشور ) أي التي جرت العادة بها ( قوله : وثوم وبصل ) وفي العباب : يصح السلم في البصل كيلا ، ويمكن حمله على نوع لا يزيد جرمه على الجوز عادة وما هنا على خلافه ومثله يقال في البيض ( قوله : ولا يصح السلم في السلجم ) أي اللفت .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . [ ص: 210 ] قوله : والرطب كالتمر إلخ ) لا حاجة إليه . ( قوله : خفة ورزانة ) أي القشر وفي نسخة خفة ورزانة ، بالنصب بغير وعطف بغير ضمير [ ص: 211 ] قوله : أي في قشره الأسفل ) ظاهره بقرينة السياق أنه لا بد من ذكر هذا في العقد وكذا قوله : ويشترط قطع أعلاه إلخ وليس كذلك ، وعبارة العباب : ويسلم في قصب السكر وزنا ، ولا يقبل أعلاه الخالي عن الحلاوة ومجمع عروقه وما عليه من القشر ( قوله : ويطرح ما عليه من القشور ) لا حاجة إليه . ( قوله : أما بعد خروجه منه فيجوز ) ظاهره أنه لا بد من التعرض لذلك في العقد بقرينة السياق ، فيفيد أنه لا يصح الإطلاق ، لكن عبارة العباب : ولا يسلم فيه بدوده انتهت ، وهي تفهم صحة الإطلاق




                                                                                                                            الخدمات العلمية