الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وما دام نفعه ككسوة ) ومنها الفراش فلا يرد عليه ( وظروف طعام ) لها ومنه الماء كما مر وظاهر أنه يعتبر في تلك الظروف أن تكون لائقة بها ( ومشط ) وما في معناه من آلات التنظيف ( تمليك ) كالطعام بجامع الاستهلاك واستقلالها بأخذه فيشترط كونها ملكه وتتصرف فيها بما شاءت إلا أن تقتر ولها منعه من استعمال شيء من ذلك [ ص: 200 ] ككل ما يكون تمليكا ( وقيل إمتاع ) فيكفي نحو مستأجر ومستعار ، ولا تتصرف هي بغير ما أذن لها كالمسكن والخادم ، والفرق ما مر أنها لا تستقل بهذين ، بخلاف نحو الكسوة ، واختير هذا في نحو فرش ولحاف ، وظاهر أنها على الأول تملكه بمجرد الدفع والأخذ من غير لفظ ، لكن مع قصده بذلك دفعه عما وجب عليه وإن كان زائدا على ما يجب لها ، لكن في الصفة دون الواجب فيقع عن الواجب بمجرد ذلك لأن الصفة الزائدة وقعت تابعة فلم يحتج للفظ ، بخلاف الزائد في الجنس فلا تملكه بدون لفظ لأنه قد يعيرها قاصدا تجملها به ثم يسترجعه منها ، ومن ثم لو قصد به الهدية ملكته بمجرد القبض إذ لا يشترط فيها بعث ولا إكرام وتعبيرهم بهما جرى على الغالب

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 199 ] قوله : تمليك ) قال في الروضة : فلا تسقط بمستأجر ومستعار ، فلو لبست المستعار وتلف : أي بغير الاستعمال فضمانه يلزم الزوج لأنه المستعير وهي نائبة عنه في الاستعمال ، والظاهر أن له عليها في المستأجر أجرة المثل لأنه إنما أعطاها ذلك عن كسوتها ا هـ سم على حج والكلام حيث كانت رشيدة وإلا فلا شيء له عليها أخذا مما مر فيما لو أكلت غير الرشيدة معه إلى آخر ما مر .

                                                                                                                            [ فرع ] قال حج : وفي الكافي لو اشترى حليا وديباجا لزوجته وزينها بذلك لا يصير ملكا لها بذلك ، ولو اختلفت هي والزوج في الإهداء والعارية صدق ، ومثله وارثه كما يعلم بما مر آخر العارية والقراض ، وفي الكافي أيضا : لو جهز بنته بجهاز لم تملكه إلا بإيجاب وقبول والقول قوله أنه لم يملكها ، ويؤخذ مما تقرر أن ما يعطيه الزوج صلحة أو صباحية كما اعتيد ببعض البلاد لا تملكه إلا بلفظ أو قصد إهداء وإفتاء غير واحد بأنه لو أعطاها مصروفا للعرس ودفعا وصباحية فنشزت استرد الجميع غير صحيح ، إذ التقييد بالنشوز لا يتأتى في الصباحية لما قررته فيها كالمصلحة ، لأنه إن تلفظ بالإهداء أو قصده ملكته من غير جهة الزوجية وإلا فهو ملكه .

                                                                                                                            وأما مصروف العرس فليس بواجب ، فإذا صرفته بإذنه ضاع عليه ، وأما الدافع : أي المهر فإن كان قبل الدخول استرده وإلا فلا لتقرره به فلا يسترد بالنشوز ( قوله : ولها منعه من استعمال شيء من ذلك ) أي فلو خالف واستعمل بنفسه لزمته [ ص: 200 ] الأجرة وأرش ما نقص ، ومعلوم أن هذا كله في الرشيدة ، وأما غيرها من سفيهة وصغيرة فيحرم على وليها تمكين الزوج من التمتع بأمتعتها لما فيه من التضييع عليها .

                                                                                                                            وأما ما يقع كثيرا من طبخها ما يأتي به الزوج في الآلات المتعلقة بها وأكل الطعام فيها وتقديمها للزوج أو لمن يحضر عنده فلا أجرة لها عليه في مقابلة ذلك لإتلافها المنفعة بنفسها ، ولو أذن لها في ذلك كما لو قال لغيره اغسل ثوبي ولم يذكر له أجرة بل هو أولى لجريان العادة به كثيرا ، بخلاف ما لو استقل بأخذ ذلك بلا إذن منها فتلزمه الأجرة لاستعماله ملك الغير بلا إذن ، ومثل ذلك يقال في الفراش المتعلق بها ( قوله : ولا تتصرف ) أي على هذا الثاني ( قوله : عما وجب عليه ) قضيته أنه إذا وضعها بين يديها بلا قصد لا يعتد به ، لكن في حج ما نصه أنه يقع عن الواجب بمجرد إعطائه من غير قصد صارف عنه .

                                                                                                                            قال سم عليه ظاهره أنه يكفي عدم الصارف ولا يشترط قصد الأداء عما لزمه وذكر شيخ الإسلام خلافه وقضية كلام الشارح هنا اعتماد ما ذكره شيخ الإسلام ( قوله : بخلاف الزائد في الجنس ) أي كأن كان الواجب لها في اللباس الكتان فدفع لها حريرا فلا تملكه إلا إذا قصد التعويض عما وجب عليه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وظاهر أنه يعتبر في تلك الظروف أن تكون لائقة بها ) انظره مع ما مر من التعليل عقب قول المصنف ومسكن يليق بها ( قوله : بجامع الاستهلاك ) فإن قلت : كيف هذا مع أن الكلام هنا فيما يدوم نفعه المقابل لما يستهلك في المتن ؟ قلت : معنى الاستهلاك هنا أن ما تعاطاه إنما هو لاستهلاكه ، وإن انتفعت به مدة [ ص: 200 ] أي بخلاف نحو المسكن . والحاصل أن الكسوة ونحوها مما تستهلك بالمعنى الذي ذكرته ولهذا التحق بالطعام ونحوه على الصحيح بجامع الاستهلاك : أي في الجملة ، ولما كان يدوم نفعه بمعنى أنه لا يستهلك حالا جرى فيه الخلاف فتأمل ( قوله : أنها لا تستقل بهذين ) بمعنى أن كلا منهما قد يكون مشتركا في الانتفاع بينها وبينه ( قوله : لكن مع قصده بذلك دفعه عما وجب عليه ) خرج بذلك ما إذا أطلق في دفعه




                                                                                                                            الخدمات العلمية