الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) حينئذ فسكوتها الواجبة باقية في ذمته ( تعطى الكسوة أول شتاء ) لتكون عن فصله وفصل الربيع بعده ( وصيف ) ليكون عنه وعن الخريف ، هذا إن وافق وجوبها أول فصل الشتاء وإلا أعطيت وقت وجوبها [ ص: 201 ] ثم جددت بعد كل ستة أشهر من ذلك ، نعم ما يبقى سنة فأكثر كفرش وبسط وجبة يعتبر في تجديدها العادة الغالبة كما مر ( فإن تلفت ) الكسوة ( فيه ) أي أثناء الفصل ( بلا تقصير لم تبدل إن قلنا تمليك ) كنفقة تلفت في يدها وبلا تقصير : أي منها ، فقد صرح ابن الرفعة بأنها لو بليت أثناء الفصل لسخافتها أبدلها لتقصيره ( فإن ) نشزت أثناء الفصل ، سقطت كسوته كما يأتي ، فإن عادت للطاعة اتجه عودها من أول الفصل المستقبل ولا يحسب ما بقي من ذلك الفصل لأنه بمنزلة يوم النشوز وإن ( ماتت ) أو مات ( فيه ) في أثنائه ( لم ترد ) إن قلنا تمليك ، وأفهم قوله لم ترد أن محل ذلك بعد قبضها ، فإن وقع موت أو فراق قبل قبضها وجب لها من قيمة الكسوة ما يقابل زمن العصمة على ما بحثه ابن الرفعة ، ونقل عن الصيمري ، لكن المعتمد كما أفتى به المصنف وجوبها كلها وإن ماتت أول الفصل ، وسبقه إلى نحوه الروياني واعتمده جمع متأخرون كالأذرعي والبلقيني وأطال في الانتصار له قال : ولا يهول عليه بأنها كيف تجب كلها بعد مضي لحظة من الفصل لأن ذلك جعل وقتا للإيجاب فلم يفترق الحال بين قليل الزمان وطويله : أي ومن ثم ملكتها بالقبض وجاز لها التصرف فيها ، بل لو أعطاها نفقة وكسوة مستقبلة جاز وملكت بالقبض وجاز لها التصرف فيها كتعجيل الزكاة ويسترد إن حصل مانع ، ولا ينافي ما ذكر من القياس على تعجيل الزكاة قولهم ما وجب بسببين امتنع تقديمه عليهما مع أن المتبادر منه امتناع ما زاد على يوم أو فصل لعدم وجود شيء من سببه لأن النكاح سبب أول فجاز حينئذ التعجيل مطلقا ( ولو لم يكس ) ها أو ينفقها [ ص: 202 ] ( مدة ) مع تمكينها فيها ( فدين ) عن جميع المدة الماضية لها عليه إن قلنا تمليك لأنها استحقت ذلك في ذمته ، أما الإخدام في حالة وجوبه لو مضت مدة ولم يأت لها فيه بمن يقوم به فلا مطالبة لها به كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويعطي الكسوة إلخ ) هل هي كالنفقة فلا تخاصم فيها قبل تمام الفصل كما لا تخاصم في النفقة في أثناء اليوم أو المخاصمة من أول الفصل أو يجبر الزوج على الدفع حينئذ ويفرق بأن الضرر بتأخير الكسوة إلى آخر الفصل أشد من الضرر بتأخير النفقة إلى آخر اليوم فيه نظر ، المتجه الثاني أوردت ذلك على مر فوافق على ما استوجهته فليراجع .

                                                                                                                            قال الدميري : والظاهر أن هذا التقدير في غالب البلاد التي تبقى فيها الكسوة هذه المدة ، فلو كانوا في بلاد لا تبقى فيها هذه المدة لفرط الحرارة أو لرداءة ثيابها وقلة عادتها اتبعت عادتهم ، وكذلك إن كانوا يعتادون ما يبقى سنة مثلا كالأكسية الوثيقة والجلود كأهل السراة بالسين المهملة ، فالأشبه اعتبار عادتهم ، ويفهم من اعتبار العادة أنهم لو اعتادوا التجديد كل ستة أشهر مثلا فدفع لها من ذلك ما جرت به عادتهم فلم يبل في تلك المدة وجوب تجديده على العادة لأنها ملكت ما أخذته عن تلك المدة دون ما بعدها ( قوله : وإلا أعطيت وقت وجوبها ) قضية هذا الكلام أنها تعطى ستة أشهر من وقت الوجوب حتى لو مكنت في أثناء فصل كان وقت التمكين ابتداء الفصل في حقها فتعطى كسوة ستة أشهر ابتداؤها من ذلك الوقت [ ص: 201 ] وهذا مشكل فإن المناسب للشتاء غير المناسب للصيف ، والفصل على هذا الوجه قد يكون ملفقا من شتاء وصيف .

                                                                                                                            هذا : وقال سم على حج : عبارة شرح الروض : فلو عقد عليها في أثناء أحدهما فحكمه يعلم مما يأتي في نظيره من النفقة أول الباب الآتي ا هـ .

                                                                                                                            وأشار بما يأتي إلى ما قدمه الشارح في قول المصنف على موسر لزوجته كل يوم عن الإسنوي فيما لو حصل التمكين عند الغروب ، لكن حاصل الذي تقدم أنه يجب القسط فلينظر ما المراد بالقسط ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وينبغي أن يعتبر قيمة ما يدفع إليها عن جميع الفصل فيقسط عليه ثم ينظر لما مضى قبل التمكين ويجب قسط ما بقي من القيمة فيشتري به لها من جنس الكسوة ما يساويه والخيرة لها في تعيينه ( قوله : كفرش ) أي وأثاث ( قوله يعتبر في تجديدها العادة ) يؤخذ من وجوب تجديدها على الزوج على العادة وجوب إصلاحها المعتاد كالمسمى بالتنجيد ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            ومثل ذلك إصلاح ما أعده لها من الآلة كتبييض النحاس ( قوله : العادة الغالبة ) أي فإن تلفت قبل العادة الغالبة فيها لم يجب التجديد ( قوله بلا تقصير إلخ ) ليس قيدا لما بعده بل عدم الإبدال مع التقصير أولى بل لمقابله وهو الإمتاع ، أما منه فهو قيد لما بعده ، ومن ثم لو صرح ابن الرفعة بأنها لو إلخ ا هـ حج ( قوله : سقطت كسوته ) وقضيته أنه لو كان دفعها لها قبل النشوز استردها لسقوطها عنه وهو ظاهر ، ولو ادعى النشوز لسقط ذلك عنه لم يقبل ذلك منه إلا ببينة كما يعلم مما مر أواخر القسم والنشوز ومما يأتي في قوله في الفصل الآتي ، ومن ثم لو اتفقا عليه وادعى سقوطه بنشوزها فأنكرت صدقت ( قوله : ولا يهول عليه ) في المختار التهويل التقريع [ ص: 202 ] والمراد منه هنا أنه لا يبلغ في التشنيع بالاعتراض عليه ( قوله : إن قلنا تمليك ) معتمد ( قوله : أما الإخدام ) ومثله الإسكان .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : هذا إن وافق وجوبها إلخ . ) وعليه فلا خصوصية [ ص: 201 ] لأول الشتاء ولا لأول الصيف بل المدار حينئذ على وقت الوجوب ( قوله : لأنه بمنزلة يوم النشوز ) أي وسيأتي أنها لو نشزت لحظة من اليوم سقطت نفقته مع ليلته ، وأما تعليل الشهاب حج بهذا ما اختاره من حسبان الفصل بأول عودها حتى لا يؤثر النشوز إلا فيما مضى فليس بظاهر كما لا يخفى .




                                                                                                                            الخدمات العلمية