الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثانية : لو دخل آفاقي مكة متمتعا ناويا الإقامة بها بعد فراغ نسكه ، أو نواها [ ص: 441 ] بعد فراغه منه . فعليه دم على الصحيح من المذهب . وعليه أكثر الأصحاب ، وحكاه ابن المنذر إجماعا ، وحكى وجها : لا دم عليه . الثالثة : لو استوطن آفاقي مكة فهو من حاضري المسجد الحرام . الرابعة : لو استوطن مكي الشام أو غيرها ، ثم عاد مقيما متمتعا : لزمه الدم على الصحيح من المذهب ، جزم به المصنف وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره . وقال في المجرد ، والفصول : لا دم عليه كسفر غير مكي ثم عوده .

الشرط الثاني : أن يعتمر في أشهر الحج . قال الإمام أحمد : عمرته في الشهر الذي أهل فيه . والاعتبار عندنا بالشهر الذي أحرم فيه ، فلو أحرم بالعمرة في رمضان ثم حل في شوال لم يكن متمتعا ، نص عليه في رواية جماعة . الشرط الثالث : أن يحج من عامه . الشرط الرابع : أن لا يسافر بين العمرة والحج ، فإن سافر مسافة قصر ، فأكثر . أطلقه جماعة . منهم المصنف ، والشارح . قال في الفروع : ولعل مرادهم : فأحرم فلا دم عليه ، نص عليه ، وجزم به ابن عقيل في التذكرة ، وقدمه في الفروع ، وجزم به في الرعاية الصغرى ، والحاويين ، وقالا : ولم يحرم به من ميقات ، أو يسافر سفر قصر . وقال في الفصول ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمحرر ، والمنور : ولا يحرم بالحج من الميقات ، فإن أحرم به من الميقات فلا دم عليه ، ونص عليه أحمد ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وحمله القاضي على أن بينه وبين مكة مسافة قصر ، وقال ابن عقيل : هو رواية ، وقال في الترغيب ، والتلخيص : إن سافر إليه فأحرم به ، فوجهان ، ونظير أثر الخلاف في " قرن " ميقات أهل نجد ، فإنه أقل ما تقصر فيه الصلاة . أما ما عداه : فإن بينهما وبين مكة مسافة قصر ، على ظاهر ما قاله الزركشي [ ص: 442 ] في المواقيت ، وتقدم قول : إن أقربها ذات عرق ، وقال في الفروع : ويتوجه احتمال يلزمه [ دم ] وإن رجع .

الشرط الخامس : أن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج ، يحل أولا ، فإن أحرم به قبل حله منها صار قارنا .

الشرط السادس : أن يحرم بالعمرة من الميقات . ذكره أبو الفرج ، والحلواني وجزم به ابن عقيل في التذكرة ، وقدمه في الفروع ، وقال القاضي ، وابن عقيل وجزم به في المستوعب ، والتلخيص ، والرعاية ، وغيرهم : إن بقي بينه وبين مكة مسافة قصر فأحرم منه : لم يلزمه دم المتعة ; لأنه من حاضري المسجد الحرام . بل دم المجاوزة . واختار المصنف ، والشارح ، وغيرهما : أنه إذا أحرم بالعمرة من دون الميقات : يلزمه دمان : دم المتعة ، ودم الإحرام من دون الميقات ; لأنه لم يقم ولم ينوها به ، وليس بساكن ، وردوا ما قاله القاضي ، قال المصنف ، والشارح : ولو أحرم الآفاقي بعمرة في غير أشهر الحج ، ثم أقام بمكة ، واعتمر من التنعيم في أشهر الحج ، وحج من عامه : فهو متمتع ، نص عليه ، وعليه دم . قالا : وفي نصه على هذه الصورة : تنبيه على إيجاب الدم في الصورة الأولى بطريق الأولى .

الشرط السابع : نية المتمتع : في ابتداء العمرة ، أو في أثنائها . قاله القاضي ، وأكثر الأصحاب ، وقدمه في الفروع . وقال : ذكره القاضي ، وتبعه الأكثر .

قلت : جزم به في الهداية ، والمبهج ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، قال في الرعاية الكبرى : وينوي في الأصح ، وقال في الصغرى ، والحاويين : وينوي في الأظهر . وقيل : لا تشترط نية التمتع ، اختاره المصنف ، والشارح ، وقدمه في المحرر ، والفائق .

التالي السابق


الخدمات العلمية