الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن تمضمض أو استنشق فدخل الماء حلقه بلا قصد لم يفطر ( هـ م ) وإن زاد على الثلاث في أحدهما أو بالغ فيه فوجهان ، واختار صاحب المحرر : يبطل بالمبالغة ، للنهي الخاص وعدم ندرة الوصول فيها ، بخلاف المجاوزة وأنه ظاهر كلام أحمد في المجاوزة : يعجبني أن يعيد ( م 3 ) وإن

                                                                                                          [ ص: 58 ] تمضمض أو استنشق لغير طهارة فإن كان لنجاسة ونحوها فكالوضوء ، وإن كان عبثا أو لحر أو عطش كره ، نص عليه ( م ) وفي الفطر به الخلاف في الزائدة على الثلاث ، وكذا إن غاص في الماء في غير غسل مشروع ، أو أسرف ، أو كان عابثا [ وقال صاحب المحرر : إن فعله لغرض صحيح فكالمضمضة المشروعة وإن كان عبثا ] فكمجاوزة الثلاث ، ونقل صالح : يتمضمض إذا أجهد . ولا يكون للصائم أن يغتسل ( هـ ) للخبر ، قال صاحب المحرر : ولأن فيه إزالة الضجر من العبادة ، كالجلوس في الظلال الباردة بخلاف [ ص: 59 ] قول المخالف : إن فيه إظهار التضجر بالعبادة ، وقوله : إن الصوم مستحق فعله على ضرب من المشقة ، فإذا زال ذلك بما لا ضرورة به إليه كره ، كما لو استند المصلي في قيامه إلى شيء ، واختار صاحب المحرر أن غوصه في الماء كصب الماء عليه ( و ش ) ونقل حنبل : لا بأس به إذا لم يخف أن يدخل الماء حلقه أو مسامعه ، وكرهه الحسن والشعبي ومالك ، وجزم به بعضهم .

                                                                                                          وفي الرعاية . يكره ، في الأصح ، فإن دخل حلقه ففي فطره وجهان ، وقيل : له ذلك ولا يفطر ، ونقل ابن منصور وأبو داود وغيرهما : يدخل الحمام ما لم يخف ضعفا ، ورواه أبو بكر عن ابن عباس وغيره ، قال في الخلاف : ما يجري به الريق لا يمكنه التحرز منه ، وكذا ما يبقى من أجزاء الماء بعد المضمضة ، كالذباب والغبار ونحو ذلك ، فإن قيل : يمكنه التحرز من أجزاء الماء بعد المضمضة بأن يبزق أبدا حتى يعلم أنه لم يبق منها شيء ، قيل : هذا يشق ، وليس في لفظ ما يمكن لفظه مشقة ، يعني ما يبقى في فيه ولم يجر به الريق ، وهذا معنى كلام صاحب المحرر هنا ، وقال في ذوق الطعام : لا يفطر إن بصق واستقصى ، كالمضمضة ، ويأتي كلام الشيخ أول الفصل بعده [ إن شاء الله تعالى ] .

                                                                                                          [ ص: 57 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 57 ] ( مسألة 3 ) قوله : وإن تمضمض أو استنشق فدخل الماء حلقه بلا قصد لم يفطر ، وإن زاد على الثلاث في أحدهما أو بالغ فيه فوجهان ، واختار صاحب المحرر يفطر بالمبالغة ، للنهي الخاص وعدم ندرة الوصول فيها ، بخلاف المجاوزة ، وأنه ظاهر كلام أحمد في المجاوزة ، يعجبني أن يعيد ، انتهى ، وأطلق الوجهين في الهداية والمستوعب والخلاصة والمغني والكافي والمقنع والهادي والتلخيص والبلغة وشرح المجد ومحرره والشرح وشرح ابن منجى والرعايتين والحاويين والنظم والفائق وغيرهم ، أحدهما لا يفطر بذلك ، وهو الصحيح ، صححه في التصحيح ، قال في العمدة : ولو تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء لم يفسد صومه ، وجزم به [ ص: 58 ] في الإفادات ونظم المفردات وقال : بنيتها على الصحيح الأشهر .

                                                                                                          وقال في الوجيز والمنور : ولو دخل حلقه ماء طهارة ولو بمبالغة لم يفطر ، انتهى والوجه الثاني يفطر ، صححه في المذهب ومسبوك الذهب ، وقدمه ابن رزين في شرحه ، وجزم ابن عقيل في الفصول بالفطر بالمبالغة ، وقال به إذا زاد على الثلاث ، وقد ذكر المصنف اختيار المجد .

                                                                                                          ( تنبيهان الأول ) قوله . وإن تمضمض أو استنشق لغير طهارة فإن كان لنجاسة ونحوها فكالوضوء ، وإن كان عبثا أو لحر أو عطش كره ، نص عليه ، وفي الفطر به الخلاف في الزائد على الثلاث ، وكذا إن غاص في الماء في غير غسل مشروع ، أو أسرف ، أو كان عابثا . انتهى ، مراده بالخلاف المتقدم في التي قبلها ، وقد صرح به ، وقد علمت الصحيح من ذلك ، فكذا في هذه المسائل .

                                                                                                          ( الثاني ) قوله بعد ذلك في غوص الماء : وفي الرعاية يكره ، في الأصح ، فإن دخل حلقه ففي فطره وجهان ، انتهى . إطلاق الوجهين هنا من تتمة كلام صاحب الرعاية ، ولكن المصنف لم يذكر حكم ما لو دخل الماء إلى حلقه في الغسل الواجب أو المستحب ، والصواب أن حكمه حكم الوضوء .




                                                                                                          الخدمات العلمية