الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويستنثر ما فيها ويقول في الاستنشاق : اللهم أوجد لي رائحة الجنة وأنت عني راض وفي الاستنثار : اللهم إني أعوذ بك من روائح النار ومن سوء الدار لأن الاستنشاق إيصال والاستنثار إزالة ثم يغرف غرفة لوجهه فيغسله من مبدإ سطح الجبهة إلى منتهى ما يقبل من الذقن في الطول ومن الأذن إلى الأذن في العرض ولا يدخل في حد الوجه النزعتان اللتان على طرفي الجبينين فهما من الرأس .

التالي السابق


ثم قال المصنف: (ويستنثر ما فيها) أي في الأنف بقوة النفس بيده اليسرى، فإن كان بباطنها شيء من الوسخ استعان بخنصر يده فأزال ما فيها (ويقول في) حال (الاستنشاق: اللهم أوجد لي) ، وفي نسخة: أرحني (رائحة الجنة وأنت عني راض) هكذا هو في القوت، ونص العوارف: اللهم صل على محمد وآل محمد وأوجدني رائحة الجنة وأنت راض عني (و) يقول (في) حال (الاستنثار: اللهم إني أعوذ بك من روائح النار ومن سوء الدار) هكذا في القوت والعوارف، وإنما خص الأول بالاستنشاق، والثاني بالاستنثار (لأن الاستنشاق إيصال) الماء إلى الأنف فيناسب طلب رائحة [ ص: 356 ] الجنة (والاستنثار إزالة) ما في الأنف من الدرن بواسطة الماء فيناسب الاستعاذة من روائح النار ، وفي حديث علي المتقدم بيانه ، فإذا استنشقت فقل : اللهم رحني رائحة الجنة ، وفي حديث أنس الذي في إسناده عباد بن صهيب فلما أن تمضمض واستنشق قال : اللهم لقني حجتي ولا تحرمني رائحة الجنة ، وفي كتاب الذخائر لمجلي ، وعند الاستنشاق : اللهم أجرني من روائح أهل النار (ثم يغرف) من الماء (غرفة) أخرى (لوجهه فيغسله) بالاستيعاب ، وهو الفرض الثاني وأول الأركان الظاهرة للوضوء ، قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية وحد الوجه على ما اختاره المصنف (من مبدأ سطح الجبهة) اسم لما يصيب الأرض حالة السجود مما فوق الحاجبين ويقال أيضا : ما اكتنفه الجبهتان (إلى منتهى ما يقبل من الذقن) محركة مجتمع اللحيين (في الطول ومن الأذن إلى الأذن في العرض) ومعنى ذلك على ما قاله الرافعي إن ميل الرأس إلى التدوير ومن أول الجبهة يأخذ الموضع في التسطيح وتقع به المحاذاة والمواجهة فحد الوجه في الطول من حيث يبتدئ التسطيح وما فوق ذلك من الرأس ، وفي كتب أصحابنا حده طولا من مبدأ سطح الجبهة إلى أسفل الذقن وعرضا ما بين شحمتي الأذنين (ولا يدخل في) حد (الوجه النزعتان) محركة مثنى نزعة وهما البياضان المكتنفان للناصية (على طرف الجبينين) ; لأنهما في سمت الناصية (فهما من الرأس) وليسا من الوجه ؛ لأنهما جميعا في حد التدوير قال الرافعي : ومما لا يدخل في الوجه أيضا موضع الصلع ؛ لأنه فوق ابتداء التسطيح ولا عبرة بانحسار الشعر عنه نظرا إلى الأعم الأغلب ومن ذلك موضع الصدغين وهما في جانبي الأذن يتصلان بالعذارين من فوق ؛ لأنهما خارجان عما بين الأذنين لكونهما فوق الأذنين ، وحكي في الصدغين أنهما من الوجه قلت : وفي المهذب والشامل الذي بين العذار إلى الأذن من الوجه بلا خلاف اهـ .

ثم قال الرافعي

ومما يدخل في الوجه موضع الغمم ؛ لأنه في تسطيح الجبهة ولا عبرة بنبات الشعر على خلاف الغالب ، كما لا عبرة باعتباره غير موضع الصلع على خلاف الغالب هذا إذا استوعب الغمم جميع الجبهة وإلا فوجهان أصحهما أن الأمر لا يختلف ، وهو من الوجه لما ذكرنا ، والثاني أنه من الرأس ؛ لأنه على هيئته والباقي المكشوف من الجبهة بخلاف ما إذا أخذ الغمم جميع الجبهة ، فإن العادة لم تجر بأن لا يكون للإنسان جبهة أصلا وربما وجه أحد هذين الوجهين بأنه مقبل في صفحة الوجه ، والثاني بأنه في تدوير الرأس ومعناه أن الأغم ينتأ من أوائل جبهته شيء ولا ينقطع شكل تدوير رأسه حيث ينقطع من غيره فذلك الموضع متصل بتدوير الرأس ، لكنه في صفحة الوجه .




الخدمات العلمية