الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : في الشروط التي تدخل النكاح ]

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو أصدقها ألفا على أن لها أن تخرج ، أو على ألا يخرجها من بلدها ، أو على ألا ينكح عليها ، أو لا يتسرى ، أو شرطت عليه منع ماله أن يفعله ، فلها مهر [ ص: 505 ] مثلها في ذلك كله ، فإن كان قد زادها على مهر مثلها وزادها الشرط ، أبطلت الشرط ، ولم أجعل لها الزيادة ؛ لفساد عقد المهر بالشرط ، ألا ترى لو اشترى عبدا بمائة دينار وزق خمر ، فمات العبد في يد المشتري ، ورضي البائع أن يأخذ المائة ، ويبطل الزق الخمر ، لم يكن له ذلك ؛ لأن الثمن انعقد بما لا يجوز فبطل ، وكانت له قيمة العبد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن الشرط في النكاح ضربان : جائز ، ومحظور .

                                                                                                                                            فأما الجائز : فما وافق حكم الشرع في مطلق العقد ، مثل أن يشترط عليها : أن له أن يتسرى عليها ، أو يتزوج عليها ، أو يسافر بها ، أو أن يطلقها إذا شاء ، أو أن تشترط هي عليه : أن يوفيها صداقها ، أو أن ينفق عليها نفقة مثلها ، أو يقسم لها مع نسائه بالسوية .

                                                                                                                                            فكل هذه الشروط جائزة ، والنكاح معها صحيح ، والمسمى فيه من الصداق لازم ؛ لأن ما شرطه الزوج منها لنفسه يجوز له فعله بغير شرط ، فكان أولى بأن يجوز مع الشرط .

                                                                                                                                            وما شرطته الزوجة عليه يلزمه بغير شرط ، فكان أولى أن يلزمه الشرط ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج .

                                                                                                                                            وأما المحظور منها : فمردود ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، ولو كان مائة شرط ، شرط الله أحق وعقده أوثق

                                                                                                                                            وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : المؤمنون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا .

                                                                                                                                            والشروط المحظورة تنقسم أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : ما يبطل به النكاح .

                                                                                                                                            والثاني : ما يبطل به الصداق .

                                                                                                                                            والثالث : ما يختلف حكمه لاختلاف مشترطه .

                                                                                                                                            والرابع : ما اختلف أصحابنا فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية