الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  338 ( باب : إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي : هذا باب يذكر فيه إذا خاف الجنب . . . إلخ ، وقد ذكر فيه حكم ثلاث مسائل :

                                                                                                                                                                                  الأولى : إذا خاف الجنب على نفسه المرض يباح له التيمم مع وجود الماء ، وهل يلحق به خوف الزيادة ؟ فيه قولان للعلماء والشافعي والأصح عنده : نعم ، وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري ، وعن مالك رواية بالمنع ، وقال عطاء والحسن البصري في رواية : لا يستباح التيمم بالمرض أصلا ، وكرهه طاوس ، وإنما يجوز له التيمم عند عدم الماء ، وأما مع وجوده فلا ، وهو قول أبي يوسف ومحمد ، ذكره في التوضيح ، وفي شرح الوجيز : أما مرض يخاف منه زيادة العلة وبطء البرء فقد ذكروا فيه ثلاث طرق أظهرها أن في جواز التيمم له قولان ، أحدهما : المنع وهو قول أحمد ، وأظهرهما الجواز وهو قول الإصطخري وعامة أصحابه ، وهو قول مالك وأبي حنيفة ، وفي الحلية وهو الأصح : وإن كان مرض لا يلحقه باستعمال الماء ضرر كالصداع والحمى لا يجوز له التيمم ، وقال داود : يجوز ، ويحكى ذلك عن مالك ، وعنه أنه لا يجوز ، ولو خاف من استعمال الماء شيئا في المحل قال أبو العباس : لا يجوز له التيمم على مذهب الشافعي ، وقال غيره : إن كان الشين كأثر الجدري والجراحة ليس لهم التيمم ، وإن كان يشوه من خلقه ويسود من وجهه كثيرا فيه قولان ، والثاني من الطرق أنه لا يجوز قطعا ، والثالث أنه يجوز قطعا .

                                                                                                                                                                                  الثانية : إذا خاف الجنب على نفسه الموت يجوز له التيمم بلا خلاف ، وفي قاضيخان : الجنب الصحيح في المصر إذا خاف الهلاك للبرد جاز له التيمم ، وأما المسافر إذا خاف الهلاك من الاغتسال جاز له التيمم بالاتفاق ، وأما المحدث في المصر فاختلفوا فيه على قول أبي حنيفة ، فجوزه شيخ الإسلام ولم يجوزه الحلواني .

                                                                                                                                                                                  الثالثة : أنه إذا خاف على نفسه العطش يجوز له التيمم ، وكذا عندنا إذا خاف على رفيقه أو على حيوان معه نحو دابته وكلبه وسنوره وطيره ، وفي شرح الوجيز : لو خاف على نفسه أو ماله من سبع أو سارق فله التيمم ، ولو احتاج إلى الماء لعطش في الحال أو توقعه في المآل أو لعطش رفيقه أو لعطش حيوان محترم جاز له التيمم ، وفي المغني لابن قدامة : أو كان الماء عند جمع فساق فخافت المرأة على نفسها الزنا جاز لها التيمم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أو خاف العطش " غير مقتصر على الجنب الذي يخاف العطش بل الجنب والمحدث [ ص: 34 ] فيه سواء . وجه المناسبة بين هذا الباب والذي قبله والذي بعده ظاهر ؛ لأن هذه الأبواب كلها في حكم التيمم



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية