الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 157 ] فصل ويصح بغير صوم ، هذا المذهب ( و ش ) ، لأن { عمر سأله عليه السلام : إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة } وفي لفظ لمسلم : { يوما في المسجد الحرام ، قال أوف بنذرك } زاد البخاري : { فاعتكف ليلة } ، ولحديث ابن عباس { ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه } رواه الدارقطني وقال : رفعه السوسي أبو بكر ، وغيره لا يرفعه ، قال صاحب المحرر : هو ثقة فيقبل رفعه وزيادته . قاله الخطيب : دخل بغداد وحدث أحاديث مستقيمة . ولأنه لا دليل . وتفرد عبد الله بن بديل وله مناكير بقوله عليه السلام لعمر : { اعتكف وصم } رواه أبو داود ، وضعفه وزيادته أبو بكر النيسابوري والدارقطني وغيرهما ، ثم أمره استحبابا أو نذره مع الاعتكاف ، بدليل قوله : إنه نذر أن يعتكف في الشرك ويصوم ، قال الدارقطني : إسناد حسن تفرد به سعيد بن بشير ، وأقوال الصحابة مختلفة . فعلى هذا أقله تطوعا ، أو نذر اعتكافا وأطلق ما يسمى به معتكفا لابثا ، فظاهره ولو لحظة وفاقا للأصح للشافعية ، وأقله عندهم مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة ، وفي كلام جماعة أقله ساعة لا لحظة ، ولا يكفي عبوره ، خلافا لبعض الشافعية ، ويصح الاعتكاف في أيام النهي التي لا يصح صومها . ولو صام ثم أفطر عمدا لم يبطل اعتكافه ، وعنه : لا يصح الاعتكاف بغير صوم ، [ ص: 158 ] و هـ م ) ، فعلى هذا لا يصح ليلة مفردة ، وفي أقله وجهان قال في منتهى الغاية : أحدهما يوم ، اختاره أبو الخطاب وفاقا لرواية عن أبي حنيفة ، لأنه أقل ما يتأتى فيه الصوم . الثاني أقله ما يقع عليه الاسم إذا وجد [ في ] الصوم ، لوجود اللبث بشرطه ، وجزم بهذا غير واحد ( م 3 ) وهو أصح عن أبي حنيفة . وجزم في المستوعب والرعاية وغيرهما : إن نذر اعتكافا وأطلق يلزمه يوم ، ومرادهم إذا لم يكن صائما ، كما ذكره في المستوعب فيما إذا نذر اعتكاف يوم يقدم فلان أجزأه بقية النهار إن كان صائما ، وجزموا في النذر على الأول بأن يوما وليلة أولى ، لا يوما ( ش ) ليخرج من الخلاف ، ومذهب مالك يوم وليلة وعنه أيضا : ثلاثة . [ ص: 159 ] ولا يصح في أيام النهي التي لا يصح صومها ( و هـ م ) واعتكافها نذرا ونفلا كصومها نذرا ونفلا ، فإن أتى عليه يوم العيد في أثناء اعتكاف متتابع ، فإن قلنا يجوز الاعتكاف فيه فالأولى أن يثبت مكانه ، ويجوز خروجه لصلاة العيد ، ولا يفسد اعتكافه ، خلافا للشافعي وعبد الملك المالكي ، وإن قلنا لا يجوز خرج إلى المصلى إن شاء وإلى أهله ، وعليه حرمة العكوف ثم يعود قبل غروب الشمس من يومه لتمام أيامه ، هذا قول مالك ، قاله صاحب المحرر ، ولا يشترط أن يصوم للاعتكاف ما لم ينذر له الصوم ، لظاهر الآية والخبر . وكما يصح أن يعتكف في رمضان تطوعا أو بنذر عينه به ( و ) ، وشرطه الحنفية للاعتكاف الواجب في الذمة .

                                                                                                          [ ص: 158 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 158 ] ( مسألة 3 ) قوله : ويصح بغير صوم ، هذا المذهب وعنه : لا يصح [ الاعتكاف ] بغير صوم ، فعلى هذا لا يصح في ليلة مفردة ، وفي أقله وجهان ، قاله في منتهى الغاية : أحدهما يوم ، قاله أبو الخطاب . والثاني أقله ما يقع عليه الاسم إذا وجد في الصوم ، لوجود اللبث بشرطه ، وجزم بهذا غير واحد ، انتهى ، الوجه الأول اختاره أبو الخطاب ، وقدمه في المغني والشرح والفائق ، وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمقنع والتلخيص وغيرهم ، والوجه الثاني جزم به في المحرر والإفادات والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم ، واختاره في الفائق ( قلت ) وهو الصواب ، وأطلقهما المجد في شرحه والزركشي ، وذكر المصنف كلامه في المستوعب والرعاية وغيرهما ، وبين مرادهم .




                                                                                                          الخدمات العلمية