الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4437 [ ص: 337 ] (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي ، في (الباب المذكور) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 189 ج 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة: في أطم حسان فكان يطأطئ لي مرة فأنظر وأطأطئ له مرة فينظر. فكنت أعرف أبي، إذا مر على فرسه، في السلاح: إلى بني قريظة. .

                                                                                                                              قال: وأخبرني عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبير قال: فذكرت ذلك لأبي، فقال: ورأيتني؟ يا بني! قلت: نعم. قال: أما والله، لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم -يومئذ- أبويه، فقال: فداك أبي وأمي ) .


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن الزبير) رضي الله عنهما ؛ (قال : كنت ، أنا وعمر) بضم العين : (ابن أبي سلمة) القرشي ، المخزومي ، المدني ، ربيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

                                                                                                                              وأمه : "أم سلمة" .

                                                                                                                              [ ص: 338 ] (يوم الخندق) لما حاصر قريش ، ومن معهم : المسلمين بالمدينة ، وحفر الخندق لذلك .

                                                                                                                              (مع النسوة : في أطم حسان) . أي : نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

                                                                                                                              "والأطم" بضم الهمزة ، والطاء : "الحصن" وجمعه : "آطام" . "كعنق ، وأعناق" .

                                                                                                                              قال عياض : ويقال - في الجمع أيضا - : "إطام" ، بكسر الهمزة ، والقصر . كأكام وإكام .

                                                                                                                              (فكان يطأطئ لي مرة) بهمز آخره . أي : يخفض لي ظهره ، (فأنظر . وأطأطئ له مرة ؛ فينظر . فكنت أعرف أبي ، إذا مر على فرسه في السلاح : إلى بني قريظة) اليهود .

                                                                                                                              قال النووي : في هذا الحديث دليل لحصول ضبط الصبي ، وتمييزه ، وهو ابن أربع سنين" . فإن ابن الزبير ولد عام الهجرة في المدينة . وكان الخندق سنة أربع من الهجرة ، على الصحيح . فيكون له - في وقت ضبطه ، لهذه القضية - : دون "أربع سنين" .

                                                                                                                              وفي هذا : رد على ما قاله جمهور المحدثين : أنه لا يصح سماع الصبي ، حتى يبلغ خمس سنين . والصواب : صحته متى حصل التمييز ، وإن كان ابن أربع أو دونها .

                                                                                                                              وفيه : منقبة لابن الزبير ، لجودة ضبطه لهذه القضية : مفصلة ، في هذا السن ، والله أعلم . انتهى .

                                                                                                                              [ ص: 339 ] قلت : ونظير هذا الأمر : تحمل الجلال السيوطي ، عن الحافظ ابن حجر ، وكان عند وفاة الحافظ : ابن ثلاث سنين . روى عنه حديثا ، ذكره في آخر كتابه "التقريب" : بسنده إليه .

                                                                                                                              (قال : وأخبرني عبد الله بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير) ؛ هذا مدرج في هذا الحديث ، كما نبه عليه في الفتح .

                                                                                                                              (قال : فذكرت ذلك لأبي ، فقال : ورأيتني يا بني ؟! قلت : نعم ، قال : أما والله لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - يومئذ - أبويه) يعني : في الفداء (فقال : فداك أبي وأمي) تعظيما وإعلاء : لقدري . لأن الإنسان لا يفدي إلا من يعظمه . فيبذل نفسه له .

                                                                                                                              قال القسطلاني : وفي الحديث : صحة سماع الصغير ، وأنه لا يتوقف على أربع أو خمس ؛ لأن ابن الزبير ، كان - يومئذ - ابن سنتين ، وأشهر . أو ثلاث، وأشهر. بحسب الاختلاف في وقت مولده ، وفي تاريخ الخندق . انتهى .

                                                                                                                              قلت : في هذا الحديث : فضيلة ظاهرة للزبير ، ومنقبة باهرة له رضي الله عنه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية