الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فصل في بيان بيع الثمر والزرع وبدو صلاحهما ( يجوز ) ( بيع الثمر بعد بدو ) أي ظهور ( صلاحه مطلقا ) أي من غير شرط قطع ولا إبقاء ، ويستحق في هذه الإبقاء إلى أوان الجذاذ كحالة شرط الإبقاء ( وبشرط قطعه و ) بشرط ( إبقائه ) سواء أكانت الأصول لأحدهما أم لغيره للخبر المتفق عليه { أنه صلى الله عليه وسلم نهى المتبايعين عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها } ومفهومه الجواز بعد بدوه مطلقا لأمن العاهة حينئذ غالبا لغلظها وكبر نواها وقبله تسرع إليه لضعفه فيفوت بتلفه الثمن ، وبه يشعر قوله صلى الله عليه وسلم { أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يستحل أحدكم مال أخيه } ( وقبل الصلاح إن ) ( بيع ) [ ص: 146 ] الثمر الذي لم يبد صلاحه وإن بدا صلاح غيره المتحد معه نوعا ومحلا ( منفردا عن الشجرة ) وهو على شجرة ثابتة ( لا يجوز ) أي لا يصح البيع ويحرم ( إلا بشرط القطع ) حالا ، وهو بمعنى قول ابن المقري منجزا للخبر المذكور فإنه يدل بمنطوقه على المنع مطلقا خرج المبيع المشروط فيه القطع بالإجماع فبقي ما عداه على الأصل ولا يقوم اعتياد قطعه مقام شرطه ، وللبائع إجباره عليه ، فإن لم يطالبه به لم يستحق عليه أجرة من ذلك لغلبة المسامحة به ، ولو تراضيا بإبقائه مع شرط قطعه جاز ، والشجرة أمانة في يد المشتري لتعذر تسليم الثمرة بدونها ، بخلاف ما لو باع نحو سمن وقبضه المشتري في ظرف البائع فإنه مضمون عليه لتمكنه من التسلم في غيره .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في بيان بيع الثمر والزرع ( قوله وبدو صلاحهما ) أي وما يتبع ذلك كحكم اختلاط الحادث بالموجود

                                                                                                                            ( قوله : ويستحق في هذه ) وينبغي أنه لو قال المشتري في هذه قبلت بشرط الإبقاء الصحة لتوافق الإيجاب والقبول معنى ( قوله : لأحدهما إلخ ) ومنه كون الشجر للمشتري ( قوله : المتفق عليه ) أي من البخاري ومسلم كما هو اصطلاح المحدثين حيث قالوا متفق عليه ونحوه ( قوله : لأمن العاهة ) أي لمريدي البيع ( قوله : لغلظها ) علة لقوله : لأمن إلخ .

                                                                                                                            ( قوله : أرأيت ) أي أخبرني [ ص: 146 ] ولا جواب له إلا نحو لا وجه لاستحقاقه ، ويترتب على ذلك عدم صحة البيع ( قوله : ثابتة ) أي رطبة أخذا مما يأتي ( قوله : إلا بشرط القطع ) أي للكل ا هـ حج ، وهو مأخوذ من قول الشارح الآتي : وليس لأحد الشريكين شراء نصيب شريكه من الثمر قبل بدو صلاحه .

                                                                                                                            وفي حج أيضا : وورق التوت قبل تناهيه كالثمر قبل بدو الصلاح وبعده كهو بعده ا هـ ( قوله : حالا ) أي سواء تلفظ بذلك أو شرط القطع وأطلق فيه فإنه يحمل على الحال ( قوله : بالإجماع ) أي إجماع الأئمة ( قوله : وللبائع ) أي يجوز له ( قوله : إجباره عليه ) قال في الروض : وإن شرط وترك عن تراض فلا بأس ا هـ سم على حج ، وهو بمعنى قول الشارح ولو تراضيا بإبقائه إلخ ( قوله : لم يستحق عليه أجرة ) أي ولا إثم عليه بعدم القطع كما أشعر به قوله لغلبة إلخ ( قوله : لتعذر تسليم الثمرة ) أي حيث تراضيا كما هو الغرض من بقاء الثمرة وهو ظاهر ، وكذا لو خلى بينه وبينها لأن دخولها في يده ضروري في تمكينه من قطع الثمرة الذي هو على المشتري وأما في السمن فقبضه إنما هو بالنقل وهو ممكن بتفريغ البائع له في إناء غيره ( قوله : لتمكنه ) أي المشتري .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . ( فصل ) في بيان بيع الثمر والزرع ( قوله : لغلظها ) يعني الثمرة [ ص: 146 ] قوله : وللبائع إجباره عليه ) أي فيما إذا كان الشجر له بدليل ما بعده وليراجع الحكم فيما إذا كان الشجر للغير . ( قوله : لتمكنه من التسلم في غيره ) أي مع جريان العادة بذلك حتى لا يرد ما مر في أوائل البيع في كوز السقاء فليراجع




                                                                                                                            الخدمات العلمية