الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ومما خص به النبي صلى الله عليه وسلم في مناكحه تخفيفان : أن ينكح أي عدد شاء ، وإن لم يكن لغيره من أمته أن ينكح أكثر من أربع في عقد واحد لقوله تعالى : إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك الآية [ الأحزاب : 50 ] وأحل له من الأزواج من أتاها أجرها من غير تقدير بعدد ثم ذكر بنات عمه وعماته وخاله وخالاته من يزيد على الأربع ، فدل على اختصاصه بالإباحة من غير عدد ، وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين إحدى عشرة ومات عن تسع وكان يقسم لثمان ، ولأنه لما كان الحر لفضله على العبد يستبيح من نكاح النساء أكثر مما يستبيحه العبد : وجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لفضله على جميع الأمة يستبيح من النساء أكثر مما يستبيحه جميع الأمة .

                                                                                                                                            وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : حبب إلي من دنياكم ثلاث : النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة .

                                                                                                                                            فاختلف أهل العلم في معنى تحبيب النساء إليه على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : إنه زيادة في الابتلاء والتكليف حتى لا يلهو بما حبب إليه من النساء عما [ ص: 17 ] كلف به من أداء الرسالة ، ولا يعجز عن تحمل أثقال النبوة ، فيكون ذلك أكثر لمشاقه وأعظم لأجره .

                                                                                                                                            والقول الثاني : ليكون خلواته معهن يشاهدها من نسائه : فيزول عنه ما يرميه المشركون به من أنه ساحر أو شاعر ، فيكون تحبيبهن إليه على وجه اللطف به .

                                                                                                                                            وعلى القول الأول على وجه الابتلاء له ، وعلى أي القولين كان فهو له فضيلة ، وإن كان في غيره نقصا ، وهذا مما هو به مخصوص أيضا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية