الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فصل ) في الغرة

                                                                                                                            ( في ) ( الجنين ) الحر المعصوم عند الجناية ولو لم تكن أمه معصومة عندها ذكرا كان أو نسيبا أو تام الخلق أو مسلما أو ضد كل ولكون الحمل مستترا .

                                                                                                                            والاجتنان الاستتار ، ومنه سمي الجن بذلك ( غرة ) إجماعا وهي الخيار ، وأصلها بياض في وجه الفرس ، وأخذ بعضهم منها اشتراط البياض في الرقيق الآتي وهو شاذ ، وإنما تجب [ ص: 380 ] ( إن انفصل ميتا بجناية ) على أمه إذا كانت حية بما يؤثر فيه عادة ولو تهديدا ، وطلب ذي شوكة لها أو لمن عندها كما مر أو تجويع إثر إجهاضها بقول خبيرين لا نحو لطمة خفيفة ( في حياتها أو ) بعد ( موتها ) متعلق بانفصل لا بجناية على ما قاله جمع من أنه لو ضرب ميتة فأجهضت ميتا لزمته غرة ، لكن المعتمد ما رجحه البلقيني وغيره ، وادعى الماوردي فيه الإجماع عدمه ; لأن الأصل عدم الحياة ، وبفرضها فالظاهر موته بموتها وإنما لم تختلف الغرة بذكورته وأنوثته لإطلاق خبر { أنه صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين بغرة } ولعدم انضباطه فهو كاللبن في المصراة قدره الشارع بصاع لذلك ، وخرج بتقييد الجنين بالعصمة ما لو جني على حربية حامل من حربي أو مرتدة حملت بولد في حال ردتها فأسلمت ثم أجهضت ، أو على أمته الحامل من غيره فعتقت ثم أجهضت والحمل ملكه فلا شيء فيه لإهداره ، وجعل بعض الشروح ذلك قيدا للأم غير صحيح لإيهامه أنه لو جني على حربية أو مرتدة أو قنة جنينها مسلم في الأولين أو لغيره في الأخيرة لا شيء فيه ، وليس كذلك لعصمته فلا نظر لإهدارها ( وكذا إن ظهر ) بالجناية على أمه في حياتها أو موتها على ما مر ( بلا انفصال ) كأن ضرب بطنها فخرج رأسه وماتت ولم ينفصل ( في الأصح ) لتحقق وجوده ، ولو خرج رأسه فصاح فحز آخر رقبته قبل انفصاله قتل به لتيقن استقرار حياته .

                                                                                                                            والثاني يعتبر فيها انفصاله ( وإلا ) أي وإن لم ينفصل ولا ظهر بعضه بالجناية على أمه ( فلا ) غرة وإن زالت حركة البطن وكبرها لعدم تحقق وجوده ولا إيجاب بالشك

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) في الغرة

                                                                                                                            ( قوله : ولو لم تكن أمه معصومة ) كأن ارتدت وهي حامل أو وطئ مسلم حربية بشبهة

                                                                                                                            ( قوله : أو ضد كل ) أفاد أن في الكافر غرة وهو كذلك ، غايته أن الغرة في المسلم تساوي نصف غرة الدية ، وفي الكافر ثلث غرة المسلم على ما يأتي

                                                                                                                            ( قوله : وأصلها بياض ) أي فوق الدرهم

                                                                                                                            ( قوله : وأخذ بعضهم ) هو عمرو بن العلاء ا هـ عميرة [ ص: 380 ]

                                                                                                                            ( قوله : بما يؤثر ) أي بشيء يؤثر إلخ

                                                                                                                            ( قوله : أو لتجويع إثر إجهاضها ) أي ولو بتجويعها نفسها أو كانت في صوم واجب وقوله بقول خبيرين : أي رجلين عدلين فلو لم يوجدا أو وجدا أو اختلفا فينبغي عدم الضمان ; لأن الأصل براءة الذمة فلا يكفي إخبار النساء ولا غير العدل ( قوله : لا نحو لطمة ) محترز قوله بما يؤثر

                                                                                                                            ( قوله : على ما قاله جمع ) توجيه لجعله متعلقا بالجناية وهو مردود ، وعليه فالمعتمد ما قدمه من أنه يشترط في الجناية على أمه أن تكون حية سواء انفصل بعد ذلك في حياتها أو بعد موتها وإن احتمل موته بموتها لا بالجناية

                                                                                                                            ( قوله : فأجهضت ميتا ) أي ألقته ، يقال أجهضت الناقة : ألقت ولدها ا هـ قاموس

                                                                                                                            ( قوله : عدمه ) بدل من قوله ما رجحه أو خبر عن قوله المعتمد ، وقوله ما رجحه نعت للمعتمد

                                                                                                                            ( قوله : وبفرضها ) أي الحياة ، وقوله قضى في الجنين في الاستدلال به نظر لما تقرر في الأصول أن نحو فعل كذا لا عموم له ، ولهذا دفعوا الاستدلال بحديث قضى بالشفعة للجار على ثبوتها للجار غير الشريك بأنه لا عموم له ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقد يجاب بأن الاستدلال به بناء على ما فهمه الصحابي منه صلى الله عليه وسلم كأن قال ذلك جواب سؤال فهم منه التعميم فليس الاستدلال بمجرد الحديث بل به على الوجه الذي فهمه الراوي للحديث عنه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                            ( قوله : في حال ردتها ) من مرتد ( قوله : فأسلمت ثم أجهضت ) أي والجناية عليها حال الردة كما هو الفرض ، وكل جرح أوله غير مضمون لا ينقلب مضمونا بتغير الحال في الانتهاء

                                                                                                                            ( قوله : والحمل ملكه ) أي السيد

                                                                                                                            ( قوله : وجعل بعض الشروح ذلك ) أي العصمة قيدا إلخ

                                                                                                                            ( قوله : في الأولين ) هما قوله : حربية أو مرتدة

                                                                                                                            ( قوله : أو لغيره في الأخيرة ) هي قوله : أو قنة جنينها مسلم

                                                                                                                            ( قوله : قتل به ) ظاهره ولو دون ستة أشهر لكن قد ينافيه قوله لتيقن استقرار حياته ، وكذا قوله الآتي فمن قتله وقد انفصل بلا جناية قتل به إلخ فإن مفهومه أن من قتله وقد انفصل بلا جناية لا يقتل به ، وانفصاله في هذه بجناية فليتأمل



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : المعصوم ) ( فصل ) في الغرة يعني : غير المضمون عليه ليدخل جنين أمته الآتي ( قوله : وهي الخيار ) أي في الأصل ، [ ص: 380 ] وقوله : بياض إلخ . أي قبل هذا الأصل ( قوله : أو تجويع ) انظر على أي شيء يصح عطفه وعبارة التحفة : ولو نحو تهديد إلخ . فالجميع في عبارتها مجرور ( قوله : حملت بولد في حال ردتها ) أي من مرتد أو غيره لكن بزنا ولم [ ص: 381 ] يكن في أصوله مسلم من الجانبين في الأولى ومن جانب الأم في الثانية




                                                                                                                            الخدمات العلمية