الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              عمر فروخ (رحمه الله) في خدمة الإسلام

              الأستاذ / أحمد العلاونة

              - رد الأساطير والخرافات التاريخية:

              - إحراق طارق بن زياد السفن:

              لم يكن عمر فروخ ، رحمه الله، يأخذ بالروايات التاريخية لشيوعها، بل كان يأخذ بها لصحتها، فرد ما بطل منها وإن ترسخ في الأذهان على أنها حقائق، من ذلك: إحراق «طارق بن زياد» السفن التي جاء بها إلى الأندلس . وخطبته المشهورة.

              فيذكر أنه لا يمكن أن يكون طارق قد أحرق السفن؛ لأن هـذه السفن كانت ليوليان؛ ولأن الحاجة إليها كانت شديدة للتردد بين الشاطئين؛ فإن سبعة آلاف رجل مع سلاحهم وأعتدتهم لا يمكن أن ينتقلوا مرة واحدة في أربع سفن. ثم إن موسى بن نصير كان في هـذه الأثناء ينشئ سفنا جديدة، فليس من المعقول أن يحرق طارق السفن المبنية. ولو أن طارقا أحرق تلك السفن لكان في عمله ذلك غفلة عسكرية تمنعه من الانسحاب فيما لو اضطر إليه [1] .

              أما الخطبة المشهورة التي تنسب إلى طارق ومطلعها: «أيها الناس، البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، وليس لكم –والله- إلا الصدق والصبر... » فينفي أن تكون له، ويعلل هـذا بأن طارق بن زياد بربري [ ص: 150 ]

              - رد الأساطير والخرافات التاريخية

              - إحراق طارق بن زياد السفن

              لم يكن عمر فروخ ، رحمه الله، يأخذ بالروايات التاريخية لشيوعها، بل كان يأخذ بها لصحتها، فرد ما بطل منها وإن ترسخ في الأذهان على أنها حقائق، من ذلك: إحراق «طارق بن زياد» السفن التي جاء بها إلى الأندلس . وخطبته المشهورة.

              فيذكر أنه لا يمكن أن يكون طارق قد أحرق السفن؛ لأن هـذه السفن كانت ليوليان؛ ولأن الحاجة إليها كانت شديدة للتردد بين الشاطئين؛ فإن سبعة آلاف رجل مع سلاحهم وأعتدتهم لا يمكن أن ينتقلوا مرة واحدة في أربع سفن. ثم إن موسى بن نصير كان في هـذه الأثناء ينشئ سفنا جديدة، فليس من المعقول أن يحرق طارق السفن المبنية. ولو أن طارقا أحرق تلك السفن لكان في عمله ذلك غفلة عسكرية تمنعه من الانسحاب فيما لو اضطر إليه [2] .

              أما الخطبة المشهورة التي تنسب إلى طارق ومطلعها: «أيها الناس، البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، وليس لكم –والله- إلا الصدق والصبر... » فينفي أن تكون له، ويعلل هـذا بأن طارق بن زياد بربري [ ص: 150 ]

              الأصل، دخل في الإسلام وفي ولاء موسى بن نصير . ولما جاز طارق برجاله إلى الأندلس للفتح لم يكن قد مر على إسلامه وتعلمه اللغة العربية إلا خمس سنوات، فلا يعقل أن تبلغ مقدرة طارق في اللغة العربية والبلاغة إلى الحد الذي يبدو في الخطبة. ثم إن في الخطبة صناعة هـي أقرب إلى ما عرف في العصر العباسي، ولم تذكر إلا في المراجع المتأخرة [3]

              - امرؤ القيس.. ونبأ مقتل أبيه

              ونراه يرد الرواية التي تناقلتها كتب تاريخ الأدب من أن امرأ القيس تلقى نعي أبيه وهو يشرب الخمر بمكان اسمه دمون ، فقال: «اليوم خمر وغدا أمر»، بعد أن ذكر أن معظم الدارسين المحدثين قد أخذوها وقبلوها في كتبهم ومحاضراتهم.. ومع أن هـذه الرواية غير معقولة، فلم يكن بإمكان أحد أن يردها؛ ذلك لأن تاريخ الأدب من العلوم النقلية، التي تعتمد الرواية وحدها، أو التعليل إذا أمكن، ولكن بالاستناد إلى الرواية [4] .

              ويشير إلى أنه صدر في عام 1913م ديوان عبيد بن الأبرص الأسدي ، وهو معاصر لامرئ القيس وأسن منه، وكان عبيد من زعماء بني أسد ، الذين ثاروا على حجر، والد امرئ القيس، وقاتلوه وقتلوه. ويبدو أن امرأ القيس وإخوته كانوا في المعركة مع أبيهم. ولقد خاطب عبيد امرأ القيس فقال له: [ ص: 151 ]


              ولقد أبحنا ما حميـ ـت ولا مبيح لما حمينا     هذا ولو قدرت عليـ
              ـك رماح قومي ما انتهينا

              ثم إن عبيد عير امرأ القيس هـربه من المعركة، فقال له:

              وركضك لولاه لقيت الذي لقوا     فذاك الذي أنجاك مما هـنالك [5]

              ويقول عمر ، رحمـه الله، بعد ذلك: «فسقطت بذلك الرواية التي تتعلق بدمون، ووجب أن تحـل محلـها هـذه الرواية التي يرويها معاصر لأمرئ القيس» [6]

              - تهمة الزندقة

              يلفت عمر ، رحمـه الله، النظر إلى أن «تهمة الزندقة» في العصر العباسي كانت وسيلة للتخلص من الخصوم السياسيين، لا للدفاع عن الدين. فكم من زنديق كان يمرح ويسرح لا يلقى تأنيبا، فضلا عن تعذيب.. وكم من تقي اتـهم بالزندقة وقتل بـها، وما ذلك إلا لأن الأول لم يكن خطرا على الدولـة، بينما الثاني كان خطرا عليها. من ذلك أن بشارا عاش طول حياته زنديقا فلم يتعرض له أحد، فلما هـجا وزير المهدي «يعقوب بن داود» وأخاه «صالحا» والي البصرة، أثيرت قضية زندقته وقتل بها. [7] . [ ص: 152 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية