الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              عمر فروخ (رحمه الله) في خدمة الإسلام

              الأستاذ / أحمد العلاونة

              - موقفه مما يوجه إليه من نقد

              كان منهجه ألا يرد على ناقد أو مهاجم؛ لأن ذلك مضيعة للوقت، ومدخلا للعداوات والضغائن. وقد انتفع بنصيحة أستاذه «يوسف هـل»: «سترجع غدا إلى بيروت وسيعرض لك أشخاص على صفـحات الجرائد بما يرجون أن يسيئوا به إليك، فلا تقرأ شيئا مما سيكتبه هـؤلاء». [1]

              وكان يعمد إلى ما يكتب عنه من ذلك ثم يقص رقعته من الجريدة ويحتفظ به في مكتبته، ثم اتفق بعد خمسة وعشرين عاما أن مر بتلك القصاصات وقرأها، [ ص: 47 ] وكان فيها كلام لنفر هـم من الأصدقاء قديما وحديثا، فماذا وجد فيها عمر؟ كتب: «كنت اقرأ وابتسـم ثم أحمد لأسـتاذي رحمه الله، نصيحته الخالصة: لو أنني قرأت تلك القصاصات يوم صدورها في صحفها وأنا في الثلاثين من العمر، لرددت عليها بأشد منها، ولضاع في تلك الحماقات والأباطيل جانب كبير من وقتي الذي خصصته بالتعليم والتأليف». [2]

              ثم يقول: «أليس من دواعي الشكر لله، ومن أسباب المسامحة للخصوم، أن يملك رجل قدرة على الدفاع عن حقه ثم يهب تلك القدرة لما هـو أجدى عليه وعلى غيره معا؟ ثم ما الغرابة في أن ترد على نفر من الناس أو في أن يرد عليك نفر من الناس؟ هـذا إذا كنت أنت تعلم شيئا من أقوال السلف الصالح في ذلك. قالوا:

              - من ألف فقد استهدف (جعل نفسه هـدفا للانتقاد حقا أو باطلا) .

              - ما منا إلا من رد أو رد عليه، غير محمد رسول الله» [3]

              ثم يقول: «إني لو سلكت سبيل الرد على الذين كانوا قد ردوا علي لنتج من ذلك أمران اثنان معا:

              - شيء من الألم النفسي من تذكر إساءات لا تمحى إلا بنسيانها.

              - قطع الصلة بنفر يلقونني وألقاهم بالتحية الطيبة والحديث الجميل بعد أن كانوا قد أسلفوا إلي من الإساءة ما سلفوا.

              وأظن أن الحياة أضيق من أن تتسع لجدل لا فائدة عملية منه، ثم هـو طريق إلى ضرر أكيد» [4]

              . [ ص: 48 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية