الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        22790 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا ، الذي لا اختلاف فيه ، والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا ; أن الكلالة على وجهين : فأما الآية التي أنزلت في أول سورة النساء التي قال الله تبارك وتعالى فيها 4 وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث [ ص: 463 ] [ النساء : 12 ] قال مالك : فهذه الكلالة التي لا يرث فيها الإخوة للأم حتى لا يكون ولد ولا والد ، قال مالك : وأما الآية التي في آخر سورة النساء التي قال الله تبارك وتعالى فيها يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم [ النساء : 176 ] .

                                                                                                                        22791 - قال مالك : فهذه الكلالة التي تكون فيها الإخوة عصبة ، إذا لم يكن ولد ، فيرثون مع الجد في الكلالة .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        22792 - قال أبو عمر : هكذا قال مالك هنا ; إذا لم يكن ولد ، فيرثون مع الجد ولم يقل : ولد ولا والد ، وكان الوجه أن يقول : إذا لم يكن ولد ولا والد ، فيرثون مع الجد ; لأنه وغيره وكل من تكلم في الفرائض من الصحابة ، والتابعين ، وسائر علماء المسلمين لا يختلفون في أنه لا يرث أخ من أي وجه كان مع الوالد كما لا يرثون مع الابن ، وهذا أصل مجتمع عليه .

                                                                                                                        22793 - وإنما اختلفوا في ميراث الإخوة مع الجد لا مع الأب على حسب ما [ ص: 464 ] قد أوضحناه ، في باب " ميراث الجد " .

                                                                                                                        22794 - وقال مالك في باب " ميراث الإخوة للأب والأم من موطئه " : أنهم لا يرثون مع الابن ولا مع ولد الابن شيئا ، ولا مع الأب دنيا شيئا .

                                                                                                                        22795 - وبهذا استغنى ، والله أعلم ، أن يذكر الوالد هنا ; لأنه كان عنده أنه أمر لا يشكل على أحد ; لاتفاق العلماء على أن الإخوة للأب والأم لا يرثون من يورث كلالة إلا من لا ولد له ولا والد ، ألا ترى إلى ما ذكرنا من إجماع السلف أن الكلالة : من لا ولد له ولا والد .

                                                                                                                        22796 - قال أبو عمر : ذكر الله - عز وجل - الكلالة في كتابه في موضعين ، ولم يذكر فيهما وارثا غير الإخوة .

                                                                                                                        22797 - فأما الآية التي في صدر سورة النساء قوله عز وجل وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث [ النساء : 12 ] .

                                                                                                                        22798 - فقد أجمع العلماء على أن الإخوة في هذه المسألة ، عني بهم الإخوة للأم ، وأجمعوا أن الإخوة للأب والأم ، أو للأب ليس ميراثهم هكذا .

                                                                                                                        22799 - وأما الآية التي في آخر سورة النساء ، قوله عز وجل يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد إلى قوله [ ص: 465 ] 4 وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين [ النساء : 176 ] .

                                                                                                                        22800 - فلم يختلف الفقهاء المسلمون قديما وحديثا أن ميراث الإخوة للأم ليس هكذا ; لأن الله - عز وجل - جعل جماعة الإخوة للأم شركاء في الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وعلم الجميع بذلك ، وأن الإخوة في هذه الآية هم إخوة المتوفى لأبيه وأمه ، أو لأبيه ، ودلت الآيتان جميعا أن الإخوة كلهم كلالة .

                                                                                                                        22801 - وإذا كان الإخوة كلالة فمعلوم أن من كان أبعد منهم كان أحرى أن يكون كلالة وكل من لا يرثه ولد ولا والد فقد يورث كلالة .

                                                                                                                        22802 - قال يحيى بن آدم قد اختلفوا في الكلالة ، وصار المجتمع عليه ما خلا الولد والوالد .




                                                                                                                        الخدمات العلمية