الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الأمر السابع: هبة الرقيق:

        هبة الرقيق لا يخلو من أحوال:

        الحال الأولى: أن يكون مأذونا له بالهبة من قبل السيد، فتصح هبته وإن لم يؤذن له بالتجارة; لأنه نائب عن سيده.

        الحال الثانية: أن يكون مبعضا، فتصح هبته بقدر ما فيه من الحرية; إذ يملك بقدر ما فيه من الحرية.

        الحال الثالثة: أن يكون غير مأذون له، ولا مبعض: فلا تصح هبته إلا بإذن سيده باتفاق الأئمة الأربعة، لأنه محجور عليه لحظ سيده.

        جاء في الشرح الكبير: "فأما العبد، فلا يجوز أن يهب إلا بإذن سيده; لأنه مال لسيده، وماله مال لسيده، فلا يجوز إزالة ملك سيده عنه بغير إذنه كالأجنبي".

        الحال الرابعة: أن يكون مكاتبا، فلا تصح هبته; إذ هو رقيق، والدليل على ذلك ما يلي:

        (68 ) 1 - ما رواه الإمام أحمد من طريق حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

        [ ص: 172 ] [ ص: 173 ] [ ص: 174 ] 2 - ورود ذلك عن الصحابة: عمر، وعثمان، وزيد بن ثابت، وعائشة رضي الله عنها.

        (69 ) أ - ما رواه الطحاوي من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن معبد الجهني، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

        [ ص: 175 ] (70 ) ب - ما رواه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم، عن عثمان رضي الله عنه قال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

        [ ص: 176 ] (71 ) ج - ما رواه الإمام مالك، عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".

        (72 ) د. ما رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

        [ ص: 177 ] (73 ) 5. ما رواه ابن أبي شيبة من طريق عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار قال: استأذنت على عائشة رضي الله عنها، فقالت: سليمان؟، فقلت: سليمان، فقالت: أريت ما بقي من كتابتك وقاطعت عليها؟ قال: قلت: نعم، إلا شيئا يسيرا، قالت: "ادخل، فإنك عبد ما بقي عليك شيء".

        [ ص: 178 ] 3 - أنه عبد يجوز بيعه، فلم تصح هبته.

        4 - أن الرق في المكاتب كامل، فلم ينتقص بما أدى، فكان الرق باقيا من كل وجه، ولهذا تقبل كتابته الفسخ بخلاف المدبر وأم الولد.

        وعند الظاهرية: تصح هبة الرقيق بناء على أنه يملك ما يؤول إليه من تبرع، وسيأتي تحرير هذه المسألة.

        قال ابن حزم: "العبد في جواز صدقته، وهبته، وبيعه، وشرائه كالحر". وقال أيضا: "مال العبد له، وليس لسيده".

        التالي السابق


        الخدمات العلمية