الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الخامس: التعديل إذا حصل التخصيص أو التفضيل

        وفيه مسألتان:

        المسألة الأولى: في إعطاء الآخرين

        وفيها أمران:

        الأمر الأول: إعطاء المفضول في حال الصحة:

        إذا خص الوالد أحد أبنائه بهبته، أو فضل بعضهم على بعض في قدرها وجبت عليه التسوية، ومن وسائلها إعطاء الآخرين، كما أعطى [ ص: 495 ] المخصص، أو زيادة نصيب المفضول ليساوي الفاضل، هذا في حال الصحة، ولا خلاف في هذا بين أهل العلم.

        الأمر الثاني: الإعطاء في مرض الموت:

        أما إذا أعطى أحد بنيه في صحته، ثم أراد العدل بإعطاء الآخر في مرضه، فهل يصح منه ذلك؟ اختلف فيه أهل العلم على قولين:

        القول الأول: أنه لا يصح.

        ذهب إليه الحنابلة في الوجه الثاني، وهو المذهب، وهو قول ابن حزم.

        وحجته: أن التسوية بينهما واجبة، ولا طريق لها في هذا الموضع إلا بعطية الآخر، فتصح كقضاء دينه.

        القول الثاني: أنه يصح.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        واحتجوا: بأن عطيته في مرضه كوصيته، ولو وصى له لم يصح، فكذلك إذا أعطاه.

        ويمكن أن يناقش: بأن منعه من الوصية للوارث لحق الورثة، ولا حق لهم فيما أخذوه.

        [ ص: 496 ] الترجيح:

        والذي يظهر لي رجحانه ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من الجواز; وذلك لقوة دليله، من كونه طريقا لتلافي ما وقع فيه من جور، ولا يصح قياسه على الوصية; لأن منعه من الوصية للوارث إنما هو لحق بقية الورثة، ولا حق لهم فيما سبيله التعديل، فحق الآخر في العطية ثابت قبل المرض.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية