الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثالثة: طلب القسمة في وقف المشاع:

        وفيه أمران:

        الأمر الأول: إذا كان الموقوف جزءا من مشاع مشترك:

        إذا وقف شخص نصيبه من عقار مشترك يمكن قسمته من غير ضرر ولا رد عوض، وطلب القسمة أو طلبها الشريك، فإنه يلزم الآخر إجابته؛ لأن القسمة إفراز وتمييز للحقوق - على الصحيح - والممنوع التمليك لا الإفراز. [ ص: 638 ]

        وإن كان فيها رد عوض من جانب الشريك بأن كان أحد النصيبين أجود من الآخر فجعل بإزاء الجودة دراهم، فإن القسمة تكون بمنزلة بيع بعض الوقف، وبيع الوقف سيأتي الكلام عليه، وإن كان الرد من قبل الناظر، فيكون الشراء للوقف، وهذا جائز للمصلحة.

        وإذا صحت القسمة فسواء قسمها الشريك والواقف أو قسمها لهم قاسم بأمر القاضي، فإن ذلك جائز؛ لأن الولاية للوقف، وإذا كانت الولاية للواقف كان له أن يقسم ما وقف منها.

        الأمر الثاني: إذا كان الموقوف جزءا مشاعا من ملك شخص:

        إذا وقف شخص جزءا مشاعا من ملكه وأراد قسمته، فإن حكمه حكم ما لو وقف نصيبه من مشترك وأراد قسمته.

        إلا أن الحنفية - هنا - قالوا: ليس له أن يقسم بنفسه، بل لا بد من أن يقسم القاضي معه.

        وعللوا ذلك بأن الواحد لا يجوز أن يكون قاسما ومقاسما.

        والراجح: صحة قسمة الواقف هنا من غير أن يقسم معه القاضي؛ للآتي:

        أولا: عدم الدليل على أنه لا يجوز أن يكون قاسما ومقاسما.

        ثانيا: أن من وقف بعض ماله في سبيل البر أهل لأن يعدل في القسمة ولا يحيف؛ إذ لو كان يريد الحيف لما وقف أصلا.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية