الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 4048 ] أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن علي البيهقي صاحب المدرسة ، أخبرنا [ ص: 199 ] أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بقرميسين ، حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي ، حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني ، حدثنا مسكين بن بكير ، حدثنا معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، قال جاء ثعلبة بن حاطب إلى [ ص: 200 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا ثعلبة قليل ما تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه قال يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا ، فوالله لئن أعطاني الله لأتصدقن ولأفعلن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم ارزقه مالا " . قال فصارت له غنيمة فكان ليشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كثرت غنمه ونمت خرج من المدينة فكان لا يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا المغرب والعشاء ، فنمت غنمه ، فتقدم ، فكان لا يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الجمعة ، فنمت وكثرت فتقدم ، فكان لا يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمعة ولا غيرها ، قال فبعث النبي صلى الله عليه وسلم رجالا يأخذون الصدقة ، فذهبوا إليه ، فقال لهم إذا فرغتم وانصرفتم اجعلوا طريقكم علي أو نحوها قال : فلما فرغوا وانصرفوا أتوه ، فقال والله ما هذه إلا جزية ، فانصرفوا ولم يأخذوا منه الصدقة ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال ، فأنزل الله عز وجل : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ) إلى قوله ( يكذبون ) .

قال فلما نزل فيه القرآن جاء بصدقته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذها فلما قبض صلى الله عليه وسلم جاء بصدقته إلى أبي بكر ، فأبى أن يأخذها وقال : شيء لم يأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم آخذها ، وأبى أن يأخذها ، فلما قبض أبو بكر جاء بصدقته إلى عمر ، فأبى أن يأخذها ، وقال شيء لم يأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر لا آخذها وأبى ذلك .


قال الشيخ أحمد رحمه الله : " وإنما لم يأخذها النبي صلى الله عليه وسلم زكاة ماله وجرى في ذلك أبو بكر وعمر سنته لأنه قد نافق والكتاب الذي نزل في شأنه ناطق بذلك حيث قال : ( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )

وعلموا بهذا بقاءه على نفاقه حتى يموت وأن إتيانه بصدقة ماله مخافة أن يؤخذ منه قهرا .

وفي إسناد هذا الحديث نظر وهو مشهور فيما بين أهل التفسير والله أعلم .

[ ص: 201 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية