الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وسبق في آخر الغصب حكم إتلاف المنكر إذا كان مالا والصدقة بها ، وانفرد ابن الجوزي بذلك ، كانفراده بقوله في سنة أربع وسبعين وخمسمائة : تكلم ابن البغدادي الفقيه فقال : إن عائشة رضي الله عنها قاتلت عليا عليه السلام فصارت من البغاة ، فتقدم صاحب المخزن بإقامته من مكانه ووكل به في المخزن ، وكتب إلى أمير المؤمنين يعني المستضيء بأمر الله بذلك . فخرج التوقيع بتعزيره ، فجمع الفقهاء ، فمالوا عليه ، فقيل لي : ما تقول ؟ فقلت هذا رجل ليس له علم بالنقل وقد سمع أنه جرى فقال : ولعمري إنه جرى قتال ولكن ما قصدته عائشة ولا علي رضي الله عنهما ، وإنما أثار الحرب سفهاء الفريقين ، ولولا علمنا بالسير لقلنا مثل ما قال ، وتعزير مثل هذا أن يقر بالخطإ بين الجماعة فيصفح عنه . فكتب إلى أمير المؤمنين بذلك فوقع : إن كان قد أقر بالخطإ فيشترط عليه أن لا يعاود ثم [ ص: 111 ] يطلق .

                                                                                                          كذا قال ، فإذا كان تعزير مثل هذا أن يقر بالخطإ فكيف يقول فيصفح عنه ، لأنه لا صفح مع وجود تعزير مثله ، ومراده .

                                                                                                          يصفح عنه بترك الضرب ونحوه وإنما جعل اعتراف هذا بالخطإ تعزيرا لما فيه من الذل والهوان له ، فهو كالتعزير بضرب وكلام سوء لغيره ، وما قاله حسن غريب ، وهنا وجه ثالث أن الاعتراف بالخطإ توبة ، وفي التعزير معها خلاف .

                                                                                                          ولعل ابن الجوزي أراد بنقض الدار في كلامه السابق المبالغة لا حقيقة الفعل .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية