الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وفي بيع ونحوه خلاف كدعواه فإن ما صحت الدعوى به صحت الشهادة به وبالعكس ، نقل مثنى فيمن شهد على رجل أنه أقر لأخ له بسهمين من هذا الدار من كذا وكذا سهما ولم يحدها يشهد كما سمع أو يتعرف حدها ؟ فرأى أن يشهد على حدودها فيتعرفها وقال شيخنا : الشاهد يشهد بما سمع ، وإذا قامت بينة بتعيين ما دخل في اللفظ قبل ، كما لو أقر لفلان عندي كذا وأن داري الفلانية [ ص: 556 ] أو المحدودة بكذا لفلان ، ثم قامت بينة بأن هذا المعين هو المسمى والموصوف أو المحدود ، فإنه يجوز باتفاق الأئمة ، ويذكر لرضاع وقتل وسرقة وشرب وقذف ونجاسة ماء قال ابن الزاغوني : وإكراه ما يعتبر ، ويختلف به الحكم ، وكذا الزنا ، وقيل : لا زمانه ومكانه ، والمزني بها ، وتقبل بحد قديم ، وقيل : لا ، وإن قال شاهد قتل : جرحه فمات ، فلغو ، وعكسه : فقتله أو مات منه ونحوه .

                                                                                                          وقال صاحب النوادر : يتفرع على رواية أنه لا يقبل الجرح إلا مفسرا أنهما لو شهدا بنجاسة ماء لم يقبل حتى يبينا السبب ، لاختلافهم فيما ينجسه ، كذا قال : فيتوجه منه مثله في كل مسائل الخلاف ، وقد يتوجه أيضا من الخلاف في العقود ، احتج في الواضح بشهادتهما بنجاسة الماء على اعتبار التفسير للجرح ، ومن شهد على إقرار غيره بحق فقيل : يعتبر ذكر سببه ، والأصح : لا ، كاستحقاق مال ، وإن شهد بسبب يوجبه أو استحقاق غيره ، ذكره .

                                                                                                          وفي الرعاية : ومن شهد لزيد على عمرو بشيء سأله عن سببه ، وذكر الأزجي فيمن ادعى إرثا لا يحوج في دعواه إلى بيان السبب الذي يرث به ، وإنما يدعي الإرث مطلقا ، لأن أدنى حالاته أن يرثه بالرحم ، وهو صحيح على أصلنا ، فإذا أتى ببينة فشهدت له بما ادعاه من كونه وارثا حكم له ، وإن شهد أن هذا الغزل من قطنه ، أو الدقيق من حنطته ، أو الطير من بيضه ، وقيل : أو البيضة من طيره ، حكم له ، وإن شهدا أنه وارثه لا يعلمان غيره حكم له ، وقيل : يجب الاستكشاف مع فقد خبرة باطنة فيأمر من ينادي بموته وليحضر وارثه ، فإذا ظن لا وارث له سلمه ، [ ص: 557 ] وقيل : بكفيل ، فعلى الأول وهو المذهب يكمل لذي الفرض فرضه ، وعلى الثاني وجزم به في الترغيب يأخذ اليقين ، وهو ربع ثمن للزوجة عائلا ، وسدس للأم عائلا ، من كل ذي فرض لا حجب فيه ، ولا يقين في غيره ، وإن قالا لا نعلم غيره في هذا البلد فكذلك ، ثم إن شهدا أن هذا وارثه شارك الأول ، ذكره ابن الزاغوني ، وهو معنى كلام أبي الخطاب وأبي الوفاء ، وقيل : لا يقبل في المسألة الأولى .

                                                                                                          وقيل : إن كان سافر كشف خبره ومكان سفره ، وفي الانتصار وعيون المسائل : إن شهدا بإرثه فقط أخذها بكفيل ، وفي الترغيب وغيره .

                                                                                                          وهو ظاهر المغني في كفيل بالقدر المشترك وجهان ، واستكشافه كما تقدم ، وإن شهدا أنه ابنه لا وارث له غيره ، وبينة أن هذا ابنه لا وارث له غيره ، قسم المال بينهما ، لأنه لا تنافي ، ذكره في عيون المسائل والمغني ، قال الشيخ في فتاويه : إنما احتاج إلى إثبات لا وارث سواه لأنه يعلم ظاهرا ، فإن بحكم العادة يعلمه جاره ومن يعرف باطن أمره ، بخلاف دينه على الميت لا يحتاج إلى إثبات لا دين عليه سواه ، لخفاء الدين ، ولأن جهات الإرث يمكن الاطلاع على يقين انتفائها .

                                                                                                          [ ص: 555 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 555 ] تنبيه )

                                                                                                          قوله " وفي بيع ونحوه خلاف كدعواه " ، انتهى .

                                                                                                          يعني هل يشترط في شهادة الشاهد في بيع ونحوه ذكر شروط وطعام أم لا ؟ قال المصنف : حكمه حكم الدعوى بذلك .

                                                                                                          وقال المصنف في باب طريق الحكم وصفته : اعتبر ذكر شروطه ، في الأصح ، وبه قطع في الوجيز وغيره ، وقدمه في المحرر وغيره ، وصححه في الرعاية وغيره هناك ، فكذا يكون الصحيح هنا ذكر الشروط والله أعلم ، وهذه ليست من الخلاف المطلق .

                                                                                                          ففي هذا الباب مسألة واحدة .




                                                                                                          الخدمات العلمية