الفصل الثالث
زعم بعض أصحابنا أن لا يكون حجة ، بخلاف الوصف المناسب ; مصيرا منه إلى أن الشبهي إذا ظهر تأثير عينه في عين الحكم فالظن المستفاد منه في أدنى درجات الظن ، فإذا انحط عن هذه الرتبة إلى رتبة اعتبار الجنس في الجنس فقد اضمحل الظن بالكلية ; لأنه ليس تحت أدنى درجات الظن درجة سوى ما ليس بظن ، وما ليس بمظنون لا يكون حجة ، وهذا بخلاف المناسب فإن الظن المستفاد منه باعتبار العين في العين قوي جدا ، فنزوله عن هذه الرتبة إلى رتبة اعتبار الجنس في الجنس وإن فات معه ذلك الظن الغالب ، فقد بقي له أصل الظن فكان حجة . الشبهي إذا اعتبر جنسه في جنس الحكم دون اعتبار عينه في عينه
[ ص: 298 ] وأيضا فإن في جنس الحكم المعلل ، وذلك في إفادة الظن دون المناسب المرسل ، والمناسب المرسل ليس بحجة لما سيأتي تقريره الوصف الشبهي إنما صار شبهيا باعتبار الشارع له [1] فما هو دونه أولى أن لا يكون حجة ، وهذا بخلاف المناسب المتأيد بشهادة الجنس في الجنس فإنه فوق المناسب المرسل ، فلا يلزم من كون المرسل ليس بحجة أن يكون ذلك ليس بحجة .
ولقائل أن يقول : أما الأول فهو مبني على أن الشبهي بشهادة العين في العين في أدنى درجات الظنون ، وهو غير مسلم ، بل للخصم أن يقول : ما هو في أدنى درجات الظنون إنما هو الشبهي المتأيد بشهادة الجنس في الجنس ، والنزول عن تلك الدرجة إلى ما دونها [2] لا يوجب انمحاق الظن بالكلية كما قيل .
وأما الثاني : فهو وإن سلم أن الشبهي إنما صار شبهيا بالتفات الشارع إليه في بعض الأحكام ، وأنه أدنى من المناسب المرسل من حيث إن مناسبة المرسل ظاهرة ومناسبة الشبهي غير ظاهرة بل موهومة متردد فيها ، غير أن الشبهي بعد أن ثبت كونه شبهيا بالتفات الشارع إليه في بعض الأحكام إذا رأينا الشارع قد اعتبر جنسه في جنس الحكم المعلل فقد صار معتبرا ، ولا كذلك المرسل فإنه غير معتبر ، ولا يلزم من عدم الاحتجاج بما ليس معتبرا عدم الاحتجاج بالمعتبر .