ذكر المنبر وحنين الجذع
قرأت على الشيخة الأصيلة أم محمد مؤنسة خاتون بنت السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب بالقاهرة، قلت لها: أخبرتك الشيخة أم هانئ عفيفة بنت أحمد بن عبد الله الفارقانية إجازة؟ فأقرت به، قالت: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الواحد الصباغ ، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو علي بن الصواف ، حدثنا الحسين بن عمر ، حدثنا أبي ، حدثنا المعلى بن هلال ، عن ، عن عمار الدهني أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قوائم منبري هذا رواتب في الجنة". أم سلمة، قال: وكانت أساطين المسجد من دوم، وظلاله من جريد النخل، وكانت الأسطوانة تلي المنبر عن يسار المنبر إذا استقبلته دومة. قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسند ظهره إليها يوم الجمعة إذا خطب الناس قبل أن يصنع المنبر. فأول يوم وضع المنبر استوى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في الساعة التي كان يستند فيها إلى الأسطوانة، ففقدته الأسطوانة فجأرت جؤار الثور، أو خارت خوار الثور، والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم إليها، فأتاها فوضع يده عليها، وقال لها: "اسكني"، أو "اسكتي" ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى منبره.
وقرأت على أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بسفح قاسيون، أخبركم أبو العباس الخضر بن كامل بن سالم بن سبيع قراءة عليه وأنتم تسمعون سنة ست أو سبع وستمائة، وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إجازة، إن لم يكن سماعا، قال الأول: أخبرنا أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي، وقال الثاني: أخبرنا أبو الفتح محمد بن محمد بن البيضاوي، [ ص: 376 ] قالا: أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد بن هزارمرد، (ح) وقرأت على أبي النور إسماعيل بن نور بن قمر الهيتي: أخبركم الشيخ أبو نصر موسى بن الشيخ عبد القادر الجيلي قراءة عليه وأنت تسمع؟ فأقر به، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الحسين بن البنا ، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري، قالا: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص ، حدثنا ، حدثنا عبد الله - يعني البغوي - ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا مبارك بن فضالة الحسن، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة مسندا ظهره إليها، فلما كثر الناس، قال: "ابنوا لي منبرا". قال: فبنوا له منبرا له عتبتان، فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنس بن مالك، وأنا في المسجد، فسمعت الخشبة تحن حنين الواله، فما زالت تحن حتى نزل إليها فاحتضنها فسكنت. أنس: فكان عن إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم، قال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه; لمكانه من الله عز وجل، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه. الحسن
قال القاضي عياض: رواه من الصحابة بضعة عشر منهم، ، أبي بن كعب ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس وسهل بن سعد ، ، وأبو سعيد الخدري وبريدة، وأم سلمة، والمطلب بن أبي وداعة، كلهم يحدث بمعنى هذا الحديث، قال وحديث الترمذي: صحيح. أنس
[ ص: 377 ] وفي حديث جابر: فلما صنع له المنبر سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار.
وفي رواية حتى ارتج المسجد بخواره. أنس:
وفي رواية سهل: وكثر بكاء الناس لما رأوا به.
وفي رواية المطلب: حتى تصدع وانشق، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه فسكت، زاد غيره: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا بكى لما فقد من الذكر" ، وزاد غيره: "والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لم يزل هكذا إلى يوم القيامة" تحزنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر به فدفن تحت المنبر.
وفي حديث أبي أنه أخذه أبي فكان عنده إلى أن أكلته الأرض وعاد رفاتا. وفي حديث بريدة، فقال - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - : "إن شئت أردك إلى الحائط الذي كنت فيه، تنبت لك عروقك ويكمل خلقك، ويجدد لك خوص وثمرة؟ وإن شئت أغرسك في الجنة فيأكل أولياء الله من ثمرك؟" ثم أصغى له عليه الصلاة والسلام يستمع ما يقول فقال: بل تغرسني في الجنة. فسمعه من يليه، فقال عليه الصلاة والسلام: "قد فعلت" .
وأخبرنا عبد الرحيم بن يوسف الموصلي بقراءة والدي عليه، أخبرنا ، أخبرنا ابن طبرزذ ابن عبد الباقي ، أخبرنا الجوهري ، أخبرنا ابن الشخير ، حدثنا العباس بن أحمد ، حدثنا محمد بن أبان ، حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد ، عن سلمة بن وردان، قال: سمعت أبا سعيد بن المعلى يقول: عليا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة" سمعت .
ورويناه من حديث جابر وفيه: . "وإن منبري على ترعة من ترع الجنة"
[ ص: 378 ]