حمير ورسولهم إليه بإسلامهم : الحارث بن كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان - قيل ذي رعين ، ومعافر ، وهمدان - وبعث إليه زرعة ذو يزن بإسلامهم ، فكتب إليهم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله النبي ، إلى الحارث بن عبد كلال ، وإلى النعمان قيل ذي رعين ، ومعافر ، وهمدان ، أما بعد : فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو . أما بعد ، فإنه وقع بنا رسولكم منقلبنا من أرضالروم ، فلقينا بالمدينة، فبلغ ما أرسلتم به ، وخبر ما قبلكم ، وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين ، وأن الله قد هداكم بهداه ، إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله ، وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، وأعطيتم من المغانم خمس الله تعالى ، وسهم النبي وصفيه ، وما كتب على المؤمنين من الصدقة ، من العقار ، عشر ما سقت العين ، وسقت السماء ، وما سقى الغرب نصف العشر ، وأن في الإبل الأربعين ابنة لبون ، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر ، وقدم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كتاب ملوك وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي كل خمس من الإبل شاة ، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين من البقر بقرة ، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة ، وأنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة ، فمن زاد خيرا فهو خير [ ص: 326 ] له ، ومن أدى ذلك وأشهد على إسلامه وظاهر المؤمنين على المشركين ، فإنه من المؤمنين ، له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، وله ذمة الله وذمة رسوله ، وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يرد عنها ، وعليه الجزية ، على كل حالم ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ، دينار واف من قيمة المعافر ، أو عوضه ثيابا ، فمن أدى ذلك إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فإن له ذمة الله وذمة رسوله ، ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله .
أما بعد ، فإن محمدا النبي أرسل إلى زرعة ذي يزن ، أن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم بهم خيرا : ، معاذ بن جبل ، وعبد الله بن زيد ومالك بن عبادة ، وعقبة بن نمر ، ومالك بن مرارة ، وأصحابهم ، وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخالفيكم ، وأبلغوها رسلي ، وأن أميرهم فلا ينقلبن إلا راضيا . معاذ بن جبل ،
محمدا يشهد أن لا إله إلا الله ، وأنه عبده ورسوله . ثم إن مالك بن مرارة الرهاوي قد حدثني أنك قد أسلمت من أول حمير ، وقتلت المشركين ، فأبشر بخير ، وآمرك بحمير خيرا ، ولا تخونوا ولا تخاذلوا ، فإن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هو مولى غنيكم وفقيركم ، وأن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته ، إنما هي زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل ، وأن مالكا قد بلغ الخبر ، وحفظ الغيب ، وآمركم به خيرا ، فإنه منظور إليهم ، والسلام عليكم ورحمة الله . أما بعد ، فإن
فروة بن عمرو إسلام
قال وبعث ابن إسحاق : فروة بن عمرو بن النافرة الجذامي رسولا إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بإسلامه ، وأهدى له بغلة بيضاء ، وكان فروة عاملا للروم على من يليهم من العرب ، وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام ، فلما بلغ الروم ذلك من إسلامه أخذوه فحبسوه [ ص: 327 ] عندهم ، ثم ضربوا عنقه وصلبوه على ماء لهم يقال له عفراء بفلسطين ، فزعم الزهري ابن شهاب أنهم لما قدموه ليقتلوه قال :
أبلغ سراة المسلمين بأنني سلم لربي أعظمي ومقامي
ثم ضربوا عنقه وصلبوه على ذلك الماء .