حي الديار محا معارف رسمها طول البلى وتراوح الأحقاب قفرا كأنك لم تكن تلهو بها
في نعمة بأوانس أتراب فاترك تذكر ما مضى من عيشة
ومحلة خلق المقام، يباب واذكر بلاء معاشر واشكرهم
ساروا بأجمعهم من الأنصاب أنصاب مكة عامدين ليثرب
في ذي غياطل، جحفل جبجاب يدع الحزون مناهجا معلومة
في كل نشز ظاهر وشعاب فيه الجياد شوازب مجنوبة
قب البطون، لواحق الأقراب [ ص: 100 ] من كل سلهبة وأجرد سلهب
كالسيد بادر غفلة الرقاب جيش عيينة قاصد بلوائه
فيه، وصخر قائد الأحزاب قرمان كالبدرين أصبح فيهما
غيث الفقير ومعقل الهراب حتى إذا وردوا المدينة وارتدوا
للموت كل مجرب قضاب شهرا وعشرا قاهرين محمدا
وصحابه في الحرب، غير صحاب لولا الخنادق غادروا من جمعهم
قتلى لطير سغب وذئاب
هل رسم دارسة المقام يباب متكلم لمحاور بجواب؟
فدع الديار وذكر كل خريدة بيضاء آنسة الحديث، كعاب
واشك الهموم إلى الإله وما ترى من معشر ظلموا الرسول، غضاب
ساروا بجمعهم إليه وألبوا أهل القرى وبوادي الأعراب
جيش عيينة وابن حرب فيهم متخمطون بحلبة الأحزاب
حتى إذا وردوا المدينة وارتجوا قتل الرسول ومغنم الأسلاب
وغدوا علينا قادرين بأيدهم ردوا بغيظهم على الأعقاب
بهبوب معصفة تفرق جمعهم وجنود ربك سيد الأرباب
وكفى الإله المؤمنين قتالهم وأثابهم في الأجر خير ثواب
من بعد ما قنطوا، ففرق جمعهم تنزيل نصر مليكنا الوهاب
وأقر عين محمد وصحابه وأذل كل مكذب مرتاب
وقال هبيرة بن أبي وهب يعتذر من فراره، ويبكي عمرو بن عبد ود، ويذكر عليا، وقد سبق بعض هذه الأبيات:
[ ص: 101 ]
لعمري ما وليت ظهري محمدا وأصحابه جبنا ولا خيفة القتل
ولكنني قلبت أمرا فلم أجد لسيفي غناء إن ضربت ولا نبل
وقفت فلما لم أجد لي مقدما شددت كضرغام هزبر أبي شبل
ثنى عطفه عن قرنه حين لم يجد مكرا وقدما كان ذلك من فعلي
فلا تبعدن يا عمرو حيا وهالكا وحق بحسن المدح مثلك من مثل
ولا تبعدن يا عمرو حيا وهالكا فقد مت محمود الثنا ماجد الأصل
فمن لطراد الخيل تقدع بالقنا وللفخر يوما عند قرقرة البزل
هنالك لو كان ابن عبد لزارها وفرجها حقا فتى غير ما وغل
فعنك علي لا أرى مثل موقف وقفت على نجد المقدم كالفحل
فما ظفرت كفاك فخرا بمثله أمنت به ما عشت من زلة النعل
* وجبجاب: كثير الصوت.
* والمتخمط: الشديد الغضب.