وقال روى أبو عمر: ، عن ابن وهب مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر، أن أبا لبابة [ ص: 107 ] ارتبط بسلسلة ربوض - والربوض الثقيلة - بضع عشرة ليلة، حتى ذهب سمعه، فما يكاد يسمع، وكاد يذهب بصره، وكانت ابنته تحله إذا حضرت الصلاة، أو أراد أن يذهب لحاجة، فإذا فرغ أعادته إلى الرباط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو جاءني لاستغفرت له" .
قال اختلف في الحال الذي أوجب فعل أبو عمر: أبي لبابة هذا بنفسه، وأحسن ما قيل في ذلك: ما رواه معمر ، عن قال: الزهري، كان أبو لبابة ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية وقال: والله لا أحل نفسي منها، أو أذوق طعاما ولا شرابا حتى يتوب الله علي، أو أموت، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه، وذكر نحو ما تقدم في حل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه.
ثم قال أبو لبابة: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال: "يجزئك يا أبا لبابة الثلث" .
وروي عن من وجوه في ابن عباس وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ) أنها نزلت في قوله تعالى: ( أبي لبابة ونفر معه سبعة أو ثمانية، أو سبعة سواه، تخلفوا عن غزوة تبوك، ثم ندموا، فتابوا وربطوا أنفسهم بالسواري، فكان عملهم الصالح توبتهم، والسيء تخلفهم عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.