سرية الخبط
ثم سرية الخبط أميرها وكانت في رجب سنة ثمان. أبو عبيدة بن الجراح،
قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة رجل من أبا عبيدة بن الجراح المهاجرين والأنصار، وفيهم إلى حي من عمر بن الخطاب جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمس ليال، فأصابهم في الطريق جوع شديد، فأكلوا الخبط. وابتاع قيس بن سعد جزرا ونحرها لهم، وألقى لهم البحر حوتا عظيما، فأكلوا منه وانصرفوا ولم يلقوا كيدا.
قرأت على أبي الهيجاء غازي بن أبي الفضل الدمشقي، أخبركم الشيخ قراءة عليه وأنت تسمع؟ فأقر به. أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدثنا محمد بن سهل ، حدثنا أخبرنا ابن أبي مريم، حدثني يحيى بن أيوب، ، جعفر بن ربيعة أن وعمرو بن الحارث حدثهما، أن بكر بن سوادة أبا حمزة الحميري حدثه: سمع يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثهم بعثا عليهم جابر بن عبد الله، فجهدوا، فنحر لهم قيس بن سعد بن عبادة، قيس تسع ركائب. قال عمرو في حديثه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الجود لمن شيمة أهل ذلك البيت. قال إبراهيم: لم يكن قيس بن سعد أمير هذا الجيش، إنما كان أبو عبيدة ، وقيس معه، كذا أخبرني محمد بن صالح ، عن قال: وحدثني محمد بن عمر. داود بن قيس ، وإبراهيم بن محمد الأنصاري ، وخارجة بن الحارث، قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة في سرية، فيها المهاجرون والأنصار، وهم ثلاثمائة رجل إلى ساحل البحر، إلى حي من جهينة، فأصابهم جوع شديد، فقال قيس بن سعد: من يشتري مني تمرا بجزر، يوفيني الجزر هاهنا، وأوفيه التمر بالمدينة، فجعل عمر يقول: واعجباه لهذا الغلام، لا مال له، [ ص: 217 ] يدين في مال غيره. فوجد رجلا من جهينة. فقال قيس: بعني جزورا أوفيكم وسقه من تمر المدينة، فقال الجهني: والله ما أعرفك. فمن أنت؟قال: أنا ابن سعد بن عبادة بن دليم، قال الجهني: ما أعرفني بنسبك وذكر كلاما، فابتاع منه خمس جزائر، كل جزور بوسق من تمر، يشترط عليه البدوي من تمر آل دليم، يقول قيس: نعم. قال: فأشهد لي. فأشهد له نفرا من الأنصار، ومعهم نفر من المهاجرين. قال قيس: أشهد من تحب. قال: وكان فيمن أشهد فقال عمر بن الخطاب. عمر: ما أشهد، هذا يدين ولا مال له، وإما المال لأبيه. قال الجهني: والله ما كان سعد ليخني بابنه في وسقة من تمر، وأرى وجها حسنا وفعالا شريفا. فكان من عمر ، وقيس كلام، حتى أغلظ لقيس. وأخذ الجزر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة، كل يوم جزورا. فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره، فقال: أتريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك؟ قال محمد: فحدثني محمد بن يحيى بن سهل ، عن أبيه ، عن قال: أقبل رافع بن خديج، أبو عبيدة ومعه عمر، فقال: عزمت عليك أن لا تنحر، أتريد أن تخفر ذمتك؟ قال قيس: يا أبا عبيدة أترى أبا ثابت يقضي ديون الناس، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة، لا يقضي عني وسقة من تمر لقوم مجاهدين في سبيل الله؟ فكاد أبو عبيدة أن يلين له، وجعل عمر يقول: اعزم. فعزم عليه وأبى أن ينحر، وبقيت جزوران، فقدم بهما قيس المدينة ظهرا، يتعاقبون عليهما، وبلغ سعدا ما أصاب القوم من المجاعة، فقال: إن يك قيس كما أعرف فسينحر للقوم. فلما قدم قيس لقيه سعد، فقال: ما صنعت في مجاعة القوم؟ قال: نحرت. قال: أصبت، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نحرت. قال: أصبت. قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نحرت. قال أصبت. قال: ثم ماذا؟ قال: ثم نهيت. قال: من نهاك؟ قال: أبو عبيدة أميري. قال: ولم؟ قال: زعم أنه لا مال لي، وإنما المال لأبيك. فقلت: أبي يقضي على الأباعد، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة، ولا يصنع هذا بي، قال: فلك أربع حوائط، أدناها حائط تجذ منه خمسين وسقا. قال: قيس، فأوفاه وسقه، وحمله وكساه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فعل قيس، فقال: "إنه في قلب جود" وقدم البدوي مع .
[ ص: 218 ]