ذكر النجاشي وكتاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إليه مع عمرو بن أمية الضمري إسلام
ذكر أن ابن إسحاق عمرا قال له : يا أصحمة ، إن علي القول وعليك الاستماع ، إنك كأنك في الرقة علينا منا ، وكأنا في الثقة بك منك ، لأنا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه ، ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه ، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك ، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد ، وقاض لا يجور ، وفي ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل ، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى ابن مريم ، وقد فرق النبي ، صلى الله عليه وسلم ، رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له ، وأمنك على ما خافهم عليه ، لخير سالف ، وأجر ينتظر . فقال النجاشي : أشهد بالله أنه للنبي الذي تنتظره أهل الكتاب ، وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل ، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر .
وذكر أن ذلك الكتاب : الواقدي "بسم الله الرحمن الرحيم ، ) من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة ، سلم أنت ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ، ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة ، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ، ونفخه كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، والموالاة على طاعته ، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني ، فإني رسول الله ، وإني أدعوك وجنودك إلى الله ، عز وجل ، وقد بلغت ونصحت ، فاقبلوا نصيحتي ، والسلام على من اتبع الهدى .
فكتب إليه النجاشي : بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى محمد رسول الله من النجاشي [ ص: 350 ] أصحمة ، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فقد بلغني كتابك يا رسول الله ، فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء والأرض إن عيسى ابن مريم لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا ، إنه كما ذكرت . وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه ، فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا ، وقال بايعتك وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه لله رب العالمين . (
* الثفروق : علاقة ما بين النواة والقمع .
النجاشي سنة تسع بالحبشة ، وأخبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بموته يومه ، وخرج بالناس إلى المصلى ، فصلى عليه ، والناس خلفه صفوف ، وكبر عليه أربعا . وتوفي