روينا عن ابن سعد ، قال : أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : كان أول من ولد لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بمكة قبل النبوة : القاسم ، وبه كان يكنى ، ثم ولدت له زينب ، ثم رقية ، ثم فاطمة ، ثم أم كلثوم ، ثم ولد له في الإسلام : عبد الله ، فسمي الطيب الطاهر ، وأمهم جميعا خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، فكان أول من مات من ولده القاسم ، ثم مات عبد الله بمكة، فقال العاص بن وائل السهمي : قد انقطع ولده فهو أبتر ، فأنزل الله تعالى : ( إن شانئك هو الأبتر ) وقيل : بل الطيب ، والطاهر ابنان سواه . وقيل : كان له الطاهر ، والمطهر ولدا في بطن واحد . وقيل : كان له الطيب ، والمطيب ولدا في بطن أيضا ، وقيل : إنهم كلهم ماتوا قبل النبوة .
وقال الزبير بن بكار : ولد له القاسم ، ثم زينب ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ، ثم عبد الله ، هكذا رأيته بخط شيخنا الحافظ أبي محمد الدمياطي ، رحمه الله تعالى ، قال : وفيه نظر .
وأما أبو عمر فحكى عن الزبير غير ذلك ، قال : ولد له القاسم ، وهو أكبر ولده ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، وكان يقال له : الطيب ، ويقال له : الطاهر ، ولد بعد النبوة ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ، هكذا الأول فالأول ، ثم مات القاسم بمكة، وهو أول ميت مات من ولده ، ثم عبد الله مات أيضا بمكة .
وقال ابن إسحاق : ولدت له خديجة : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، والقاسم - وبه كان يكنى - والطاهر ، والطيب ، فهلكوا في الجاهلية . وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام وأسلمن وهاجرن معه . [ ص: 379 ]
قال أبو عمر : وقال علي بن عبد العزيز الجرجاني : أولاد رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : القاسم ، وهو أكبر ولده ، ثم زينب .
وقال ابن الكلبي : زينب ، ثم القاسم ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ، ثم عبد الله ، وكان يقال له : الطيب ، والطاهر . قال : وهذا هو الصحيح ، وغيره تخليط .
وكانت سلمى مولاة صفية بنت عبد المطلب تقبل خديجة في ولادها ، وكانت تعق عن كل غلام بشاتين ، وعن الجارية بشاة . وكان بين كل ولدين لها سنة ، وكانت تسترضع لهم ، وتعد ذلك قبل ولادها .
فأما زينب فتزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ، أمه هالة بنت خويلد ، فولدت له عليا - أردفه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وراءه يوم الفتح ، ومات مراهقا - وأمامة تزوجها علي بعد خالتها فاطمة ، زوجها منه الزبير بن العوام ، وكان أبوها أبو العاص أوصى بها إلى الزبير ، فلما قتل علي ، رضي الله عنه ، وآمت أمامة منه ، قالت أم الهيثم النخعية :
أشاب ذؤابتي وأذل ركني أمامة حين فارقت القرينا تطيف به لحاجتها إليه
فلما استيأست رفعت رنينا
ذكرت زينب لما وركت أزما فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما
[ ص: 380 ] بنت الأمين جزاها الله صالحة وكل بعل سيثني بالذي علما
وأما أم كلثوم فتزوجها عثمان بعد موت رقية ، وماتت سنة تسع من الهجرة ولم تلد له .
وأما فاطمة فتزوجها علي وبنى بها مرجعهم من بدر ، فولدت له حسنا ، وحسينا ، ومحسنا : مات صغيرا ، وأم كلثوم وزينب ، وماتت فاطمة بعد أبيها بثلاثة أشهر ، وقيل : بستة ، وقيل : بثمانية ، وكذلك اختلف في مولدها . قال المدائني : قبل النبوة بخمس سنين .
وقال ابن السراج : سمعت عبيد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي ، يقول : ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو عمر : وذكر الزبير أن عبد الله بن حسن بن حسن دخل على هشام بن عبد الملك وعنده الكلبي ، فقال هشام ، لعبد الله بن حسن : يا أبا محمد ، كم بلغت فاطمة من السن ؟ فقال : ثلاثين سنة ، فقال هشام ، للكلبي : كم بلغت من السن ؟ قال خمسا وثلاثين سنة ، فقال هشام ، لعبد الله بن حسن : اسمع الكلبي يقول ما تسمع ، وقد عني بهذا الشأن . فقال عبد الله بن حسن : يا أمير المؤمنين ، سلني عن أمي ، وسل الكلبي عن أمه . وكان علي ، رضي الله عنه ، قد خطب عليها ابنة أبي جهل ، فأنكر ذلك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقال : "والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا" . قال : فترك علي الخطبة .


