( 4417 ) فصل : وجب سواء كانت الجناية على الموقوف عليه أو على غيره . فإن قتل بطل الوقف فيه ، وإن قطع كان باقيه وقفا ، كما لو تلف بفعل الله تعالى . وإن كانت الجناية موجبة للمال ، لم يمكن تعلقها برقبته ; لأنه لا يمكن بيعها ، ويجب أرشها على الموقوف عليه ; لأنه ملكه تعلق أرشه برقبته ، فكان على مالكه ، كأم الولد إذا جنى الوقف جناية توجب القصاص ،
ولا يلزمه أكثر من قيمته كأم الولد . وإن قلنا : الوقف لا يملك . فالأرش في كسبه ; لأنه تعذر تعلقه برقبته لكونها لا تباع ، وبالموقوف عليه ; لأنه لا يملكه ، فكان في كسبه ، كالحر يكون في ماله . ويحتمل أن يكون في بيت المال كأرش جناية الحر المعسر . وهذا احتمال ضعيف جدا ; فإن الجناية إنما تكون في بيت المال ، في صورة تحملها العاقلة عند عدمها ، وجناية العبد لا تحملها العاقلة
وإن كان الوقف على المساكين ، فينبغي أن يكون الأرش في كسبه ; لأنه ليس له مستحق معين يمكن إيجاب الأرش عليه ، ولا يمكن تعلقه برقبته ، لتعذر بيعها فتعين في كسبه . ويحتمل أن يجب في بيت المال .
( 4418 ) فصل : وجب ; لأن ماليته لم تبطل ، ولو بطلت ماليته لم يبطل أرش الجناية عليه فإن الحر يجب أرش الجناية عليه ، فإن قتل وجبت قيمته ، وليس للموقوف عليه العفو عنها ; لأنه لا يختص بها ويشترى بها مثل المجني عليه يكون وقفا وإن جني على الوقف جناية موجبة للمال ،
وقال بعض الشافعية : يختص الموقوف عليه بالقيمة إن قلنا : إنه يملك الموقوف ، لأنه بدل ملكه . ولنا أنه ملك لا يختص به ، فلم يختص ببدله ، كالعبد المشترك والمرهون ، وبيان عدم الاختصاص ظاهر ، فإنه يتعلق به حق البطن الثاني ، فلم يجز إبطاله . ولا نعلم قدر ما يستحق هذا منه فنعفو عنه فلم يصح العفو عن شيء منه ، كما لو أتلف رجل رهنا ، أخذت منه قيمته فجعلت رهنا ، ولم يصح عفو واحد منهما عنه
وإن كانت الجناية عمدا محضا من مكافئ له ، فالظاهر أنه لا يجب القصاص ; لأنه محل لا يختص به الموقوف عليه ، فلم يجز أن يقتص من قاتله ، كالعبد المشترك . وقال بعض أصحاب : يكون ذلك إلى الإمام ، فإن قطعت يد العبد أو طرف من أطرافه ، فالقصاص له ، وله استيفاؤه ; لأنه لا يشاركه فيه غيره ، وإن كان القطع لا يوجب القصاص ، أو يوجبه فعفي عنه ، وجب نصف قيمته ، فإن أمكن أن يشترى بها عبد كامل ، وإلا اشتري بها شقص من عبد . الشافعي