- الصراع وقود حضاري:

المـواجهة والصراع وشن الحروب هـو وقـود هـذه الحضـارة، حيث لم يقتصر ذلك في بعض الأحيان على (الآخر) المغاير في الدين والثقافة والحضارة وإنما امتد لصراع مع أبناء الثقافة الواحدة والدين الواحد.

وما تزال الذاكرة تحمـل صـورا عن الحـرب الإسبـانية الأمـريـكية عام 1898م، تلك الحرب الـتي مهدت السبيل أمـام التحـالف الأمـريكي البريطاني في القرن العشرين خلال حربين عالميتين، وكيف شكلت هذه الحرب نقطـة تحول حقيقيـة في التاريخ الحديث، إذ شهدت ظهور الولايات المتحـدة الأمريكية كقوة عالمية تمتد مطامعها الإمبراطورية عبر العالم جميعه.

ولا يند عن ذلك: [ ص: 128 ]

- حرب الاستقلال الأمريكية (1775-1783م).

- والحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939م) حيث سقط إبانها حوالي 700 ألف شخص في المعـارك، كما أعدم حوالي 30 ألف شخص، وقتل 15 ألف شخص في الغارات الجوية.

- والحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865م) حيث بلغ عدد ضحايا تلك الحرب الأهلية حوالي 600.000 رجل.

- والحرب الأهلية الروسية (1918-1922م).

- والحرب الروسية اليابانية (1904-1905م).

- والحرب العالمية الأولى (1914-1918م) حيث تمت تعبئة حوالي 65 مليون جندي، وبلغ عدد القتلى 8 ملايين جندي، وقدرت الكلفة الاقتصادية 281.887 مليون دولار.

- والحرب العالمية الثانية (1939-1945م) وما استخدم فيها من أسلحة الدمار الشامل، حيث ألقيت القنابل الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، وشهد العالم أول ضحايا استخدام السلاح الذري، الذي مـا يزال بقـايا مرضـاه على أسرة المستـشفيات.. ولقـد قـدر عـدد ضحايا هيروشيما بـ 78150 قتيلا، و37425 مصابا إصابات خطيرة، و 13000 مفقود، أضف إلى هذه الأرقام الوفيات التي حدثت نتيجة للإشعاع الذري بعد ذلك. [ ص: 129 ]

- هذا إضـافة إلى الحرب الأمريكية الفيتنامية وحرب احتـلال العراق وما توقعـه من ضحايا.

ولعل ما كشفته دراسة تاريخية فرنسية حديثة من أن سلطات الاستعمار الفرنسية، التي احتلت الجزائر لأكثر من مائة وثلاثين سنة، استخدمت 42 ألف جزائري كفئران تجارب في تفجيرها أولى قنابلها النووية في صحراء الجزائر، في 13 / 10 /1960م، وقالت الدراسة: إن فرنسا أجرت التجربتين في بلدة الحمـودية، وجبـل عـلي عفلي، يشكل نافذة أخرى على ممارسات العنف والإكراه والظلم والتوحش في الاستعمار الحديث، الذي يعتبره كثيرون امتدادا للحروب الصليبية وثقافتها، وامتدادا لفلسفة الصراع والمواجهة، التي تعتبر المحرك الأساس للثقافة والحضارة الأوروبية ووريثتها الثقافة الأمريكية، مهما حاولت التخفي وراء شعارات التحديث والتمدين ونشر قيم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وتقرير المصير والحرية الدينية... إلخ.

ونحن لا نريد بما أتينا على اسـتعراضه من الأفكار والمعتقدات والأفعال والممارسات أن نغمط الحضارة الغربية حقها ودورها الإيجابي في الكشف والابتكار والإبداع الإنسـاني وما وفرته، وخاصة في بلادها، من مساحات الحرية وحقوق الإنسان، التي يعيشها إنسانها والمقيم فيها، لكنا أردنا أن نقدم بعض النماذج والنوافذ التي تمكن من القراءة بأبجدية صحيحة للوصول [ ص: 130 ] إلى الأسبـاب والـدوافع الحقيقيـة لهذه الحروب والمواجهات، وما تضمره من العدوان المستمر على عالم المسلمين، بحيث أصبح وكأنه إكسير الحياة لتلك الحضـارة، حـتى أننا لنقـول: إن هذه العداوة وقعت في كثير من الأحيان في حمأة عـمى الألوان، فأفقدتها التمييز، فبدأت تطـلق أحـكاما عامـة هي أقرب للعامية من العلمية، فترى كل المسلمين إرهابيين، تأخذهم بجريرة فعل بعض الأفراد، على الرغم من الإدانات لهذه الأعمال، وأكثر من ذلك، الوقوع في الورطات الثقافية، التي تجاوزت كل عقل ومنطق، بطرح شعارات الفاشية الإسلامية، واعتبار الدين الإسلامي منبع الإرهاب، ومصنع الإرهاب، وإن رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم لم يأت إلا بالترويع والسوء والإرعاب والإرهاب!

لذلك تحولت الحرب، التي ظاهرها الحرب على الإرهاب، إلى الحرب على الإسـلام، والسعي لاقتلاع وشـل كل فكر أو نهج أو ثقافة أو جماعة أو نشاط أو دعوة تمت إلى الإسلام بصلة، كل ذلك يتم باسم تجفيف منابع العنف والإرهاب.. ولو كان ذلك صحيحا لاقتضى الأمر عدم التعميم، ووضع البديل الصحيح السليم المعتدل، ولكن المقصود ليس تجفيف منابع الإرهاب وإنما تجفيف منابع الإسلام، ومحاولة حربه واقتلاعه بروح صليبية استعمارية حاقدة، لكن هذه المرة بدون رفع لشعار الصليب، حتى لا يكون هناك استفزاز واستنفار وكبير تحد. [ ص: 131 ]

- الصراع وقود حضاري:

المـواجهة والصراع وشن الحروب هـو وقـود هـذه الحضـارة، حيث لم يقتصر ذلك في بعض الأحيان على (الآخر) المغاير في الدين والثقافة والحضارة وإنما امتد لصراع مع أبناء الثقافة الواحدة والدين الواحد.

وما تزال الذاكرة تحمـل صـورًا عن الحـرب الإسبـانية الأمـريـكية عام 1898م، تلك الحرب الـتي مهدت السبيل أمـام التحـالف الأمـريكي البريطاني في القرن العشرين خلال حربين عالميتين، وكيف شكلت هذه الحرب نقطـة تحول حقيقيـة في التاريخ الحديث، إذ شهدت ظهور الولايات المتحـدة الأمريكية كقوة عالمية تمتد مطامعها الإمبراطورية عبر العالم جميعه.

ولا يند عن ذلك: [ ص: 128 ]

- حرب الاستقلال الأمريكية (1775-1783م).

- والحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939م) حيث سقط إبانها حوالي 700 ألف شخص في المعـارك، كما أعدم حوالي 30 ألف شخص، وقتل 15 ألف شخص في الغارات الجوية.

- والحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865م) حيث بلغ عدد ضحايا تلك الحرب الأهلية حوالي 600.000 رجل.

- والحرب الأهلية الروسية (1918-1922م).

- والحرب الروسية اليابانية (1904-1905م).

- والحرب العالمية الأولى (1914-1918م) حيث تمت تعبئة حوالي 65 مليون جندي، وبلغ عدد القتلى 8 ملايين جندي، وقدرت الكلفة الاقتصادية 281.887 مليون دولار.

- والحرب العالمية الثانية (1939-1945م) وما استخدم فيها من أسلحة الدمار الشامل، حيث ألقيت القنابل الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، وشهد العالم أول ضحايا استخدام السلاح الذري، الذي مـا يزال بقـايا مرضـاه على أسِرَّة المستـشفيات.. ولقـد قـدر عـدد ضحايا هيروشيما بـ 78150 قتيلًا، و37425 مصابًا إصابات خطيرة، و 13000 مفقود، أضف إلى هذه الأرقام الوفيات التي حدثت نتيجة للإشعاع الذري بعد ذلك. [ ص: 129 ]

- هذا إضـافة إلى الحرب الأمريكية الفيتنامية وحرب احتـلال العراق وما توقعـه من ضحايا.

ولعل ما كشفته دراسة تاريخية فرنسية حديثة من أن سلطات الاستعمار الفرنسية، التي احتلت الجزائر لأكثر من مائة وثلاثين سنة، استخدمت 42 ألف جزائري كفئران تجارب في تفجيرها أولى قنابلها النووية في صحراء الجزائر، في 13 / 10 /1960م، وقالت الدراسة: إن فرنسا أجرت التجربتين في بلدة الحمـودية، وجبـل عـلي عفلي، يشكل نافذة أخرى على ممارسات العنف والإكراه والظلم والتوحش في الاستعمار الحديث، الذي يعتبره كثيرون امتدادًا للحروب الصليبية وثقافتها، وامتدادًا لفلسفة الصراع والمواجهة، التي تعتبر المحرك الأساس للثقافة والحضارة الأوروبية ووريثتها الثقافة الأمريكية، مهما حاولت التخفي وراء شعارات التحديث والتمدين ونشر قيم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وتقرير المصير والحرية الدينية... إلخ.

ونحن لا نريد بما أتينا على اسـتعراضه من الأفكار والمعتقدات والأفعال والممارسات أن نغمط الحضارة الغربية حقها ودورها الإيجابي في الكشف والابتكار والإبداع الإنسـاني وما وفرته، وخاصة في بلادها، من مساحات الحرية وحقوق الإنسان، التي يعيشها إنسانها والمقيم فيها، لكنا أردنا أن نقدم بعض النماذج والنوافذ التي تمكن من القراءة بأبجدية صحيحة للوصول [ ص: 130 ] إلى الأسبـاب والـدوافع الحقيقيـة لهذه الحروب والمواجهات، وما تضمره من العدوان المستمر على عالم المسلمين، بحيث أصبح وكأنه إكسير الحياة لتلك الحضـارة، حـتى أننا لنقـول: إن هذه العداوة وقعت في كثير من الأحيان في حمأة عـمى الألوان، فأفقدتها التمييز، فبدأت تطـلق أحـكامًا عامـة هي أقرب للعامية من العلمية، فترى كل المسلمين إرهابيين، تأخذهم بجريرة فعل بعض الأفراد، على الرغم من الإدانات لهذه الأعمال، وأكثر من ذلك، الوقوع في الورطات الثقافية، التي تجاوزت كل عقل ومنطق، بطرح شعارات الفاشية الإسلامية، واعتبار الدين الإسلامي منبع الإرهاب، ومصنع الإرهاب، وإن رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم لم يأت إلا بالترويع والسوء والإرعاب والإرهاب!

لذلك تحولت الحرب، التي ظاهرها الحرب على الإرهاب، إلى الحرب على الإسـلام، والسعي لاقتلاع وشـل كل فكر أو نهج أو ثقافة أو جماعة أو نشاط أو دعوة تمتّ إلى الإسلام بصلة، كل ذلك يتم باسم تجفيف منابع العنف والإرهاب.. ولو كان ذلك صحيحًا لاقتضى الأمر عدم التعميم، ووضع البديل الصحيح السليم المعتدل، ولكن المقصود ليس تجفيف منابع الإرهاب وإنما تجفيف منابع الإسلام، ومحاولة حربه واقتلاعه بروح صليبية استعمارية حاقدة، لكن هذه المرة بدون رفعٍ لشعار الصليب، حتى لا يكون هناك استفزاز واستنفار وكبير تحدٍ. [ ص: 131 ]