الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
- الآليات البحثية والتأليفية:

بحـوثنا الفقهية المعاصرة في حاجة كبيرة وملحة لإعادة النظر في كثير من جوانبها المنهجية والأسلوبية، بغية الارتقاء بها لتسد حاجات المجمع والأمة فيما وضعت له من نتائج علمية وتنموية وحضارية.

ويغلب على هذه البحوث التجزئة، والتكرار، والارتجال، والتعميم، والغرض العلمي الشخصي للحصول على شهادة أو ترقية، والهدف التجاري الربحي، ومسايرة بعض الأحداث والوقائع الاجتماعية والمدنية، والاستهلاك الإعلامي والدعائي، وتسويق بعض المواد ضمن مناهج الدراسة ومقررات التعليم وغير ذلك.

والخلاصة، أن هذا التأليف لم يتأسس على قاعدة الإلمام بالمنظومة الفقهية المتـكاملة ( معرفيا ومنهجيا وحضاريا)، وإنمـا تأسس عـلى فرع من فروعها أو ركن من أركانها، كارتكازه على ناحية إيمانية بمعزل عن الناحية العملية الأخلاقية، أو ارتكازه على جانب فقهي جزئي دون ربطه بجانبه المقاصدي والأصولي العام.

وهو ما أورث في أجيال التلقي والتعلم والتثقف أوجها من التكوين المضطرب والبناء الثقافي المشوه. ولكن، وفي ذات الوقت، يسجل لبعض الأعمال البحثية والتأليفية الخاصة والعامة، الجدة والابتكار والإضافة والإسهام النوعي التنموي الحضاري، والإسهام في البناء الفقهي الشرعي المتكامل والمتناسق والبناء. [ ص: 90 ]

غير أن هذه الأعمال تحتاج إلى تراكم نوعي معتبر، وإلى توسيع دائرة الإفادة، وإلى الربط بأوجه الثقافة والمعرفة الأخرى وبمجالات التنمية والإعمار، حتى تحقق الإسهام الحضاري والتاريخي المأمول.

ومن قبيل الآليات المطروحة والمقترحة، نذكر ما يلي:

- ضبط الحاجات المعرفية الشرعية والفقهية.

- التنسيـق بين مختـلف المؤسـسـات البحثية الكثيرة أو بين أغلبها أو بين عـدد منها. ويمـكن أن يكون هذا التنسيق بين عدد من الجامعات أو عدد من المجامع الفقهية والمراكز البحثية في بلاد الخليج أو بلاد المغرب العربي مثلا.

- العناية بالمفردات البحثية ذات الفائدة الكبيرة على مستوى تطوير البحث وتفعيله لخدمة التنمية والحضارة والرقي العام.

ومن هذا القبيل:

1 - العناية بمفردة (تحرير المصطلح)، وبيان المراد منه، والمصطلحات المتصلة به، وتنقيحه مما عداه، وتنـزيله في مجاله ومواقعه، وضبط مدلوله، ورصد صلاته بالآخر العلمي والحضاري، ورسم آثاره وغير ذلك.

ومن أمثلة هذا: (مصطلح العنف) الذي هو في حاجة معرفية شديدة لبيان معناه وحقيقته وتبيين المصطلحات المتصلة به، كمصطلح الإرهاب والجهاد والقتال والتأديب والتعزير والعقوبة وغير ذلك، فإن بيان هذه [ ص: 91 ] المصطلحات وتحرير مدلولاتها، بضبط المدلول العلمي ( لغة واصطلاحا واستعمالا)، وبنفي التشابه بينها، وبضبط السلوك والممارسة، فإن هذا البيان سيحدد الصحيح وغيره في الفهم والتعقل، وفي التطبيق والتنزيل، وفي المناظرة والمناقشة، وفي مجالات حياتية كثيرة، وسيعفي من المهاترات وتضييع الأوقات والنيل من الذوات والممتلكات.

2 - تحرير محل النـزاع، وقد يكون هذا فرعا لمفردة (تحرير المصطلح). ويراد به بيان الأوجه الاتفاقية والأوجه الاختلافية والأوجه التي يقع فيها التردد والاختلاف والالتباس، غير أن هذا التردد والاختلاف والالتباس كثيرا ما يصير نحو الوضوح والاتفاق والحسم، بموجب زيادة النظر وتحقيق الأمر وإجراء المشاورة والمحاورة وإرادة تحري الصواب والصدق والصحة.

- اعتماد سياسة القرار البحثي العلمي، بناء على دراسات دقيقة وعميقة. ويراد بالقرار هنا، ما يشبه القرار الفقهي الإفتـائي المجمعي الذي ينص على فتـوى جزئية أو حـكم شرعي فرعـي أو عـام، والذي يتخذ في شكل قرار واضح وموجز ومجمع عليه إجماعا كليا أو أغلبيا. وهذا مهم في حسم الأمور وبيان المطلوب. ومثاله في موضوع العنف، أن يصدر قرار بخصوص تعريف العنف ومجالاته وحكمه والتفريق بينه وبين مقاومة المحتل وعقوبة الجاني وتأديب المارق والصبي... [ ص: 92 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية