الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وحيث خالف في اشترائه لزمه إن لم يرضه موكله )

                                                                                                                            ش : تضمن هذا الكلام مسألتين : إحداهما : أن الموكل مخير في الرضا بالشيء المشترى ، وعدم الرضا به ، وهذه تقدمت والثانية أنه إذا لم يرض به الموكل ، فإنه يلزم الوكيل ، وهذه من هنا استفيدت وأتى المؤلف بهذا الكلام لأجلها .

                                                                                                                            ( مسألة ) : من أمر رجلا بشراء سلعة فاشتراها لنفسه ففيها أربعة أقوال : الأول : القول قول المأمور مع يمينه إن اتهم وإن دفع له الآمر الثمن ، وهو رواية محمد بن يحيى الشيباني عن مالك والثاني السلعة للآمر وإن لم يدفع الثمن ، وهو رواية غير ابن القاسم في المدونة وقول أصبغ وروايته عن ابن القاسم في المدونة وسواء أشهد المأمور أنه اشتراها لنفسه أم لم يشهد حتى يرجع الأمر إلى الآمر فيبرأ من وعده بالشراء والثالث الفرق بين أن يكون دفع إليه الثمن أم لا والرابع أنها للآمر إلا أن يكون المأمور أشهد أنه إنما يشتريها لنفسه انتهى . مختصرا من أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب الشركة .

                                                                                                                            وكرر المسألة في كتاب البضائع والوكالات في أول رسم من سماع ابن القاسم منه .

                                                                                                                            ص ( كذي عيب إلا أن يقل وهو فرصة )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة : وشراؤه معيبا تعمدا عداء إلا ما يغتفر عرفا فيها إن أمرته بشراء سلعة فابتاعها معيبة فإن كان عيبا خفيفا يغتفر مثله ، وقد يكون شراؤها به فرصة لزمتك وإن كان عيبا مفسدا لم تلزمك إلا أن تشاء وهي لازمة للمأمور قال ابن عرفة : قلت : لو كان العيب مغتفرا بعموم الناس وحال الآمر لا يقتضي اغتفاره هل يلزم الآمر أم لا والأظهر أنه يتخرج على القولين في أول كتاب الغصب في أثر العداء إذا كان يسيرا بالنسبة إلى عموم الناس ، وغير يسير بالنسبة إلى حال المتعدى عليه هل يحكم فيه بحكم اليسير أو الكثير ؟ وعبر عن هذا ابن الحاجب بقوله فإن علم بالعيب كان له ولا رد إلا في اليسير .

                                                                                                                            ( قلت ) : استثناؤه إلا في اليسير يستحيل رده لمنطوق ما قبله ، ولهما يستقيم رده لمحذوف تقديره ، ولا يلزم الآمر ، ومثل هذا الحذف لا ينبغي في المسائل العلمية مع يسر العبارة عنه بقوله فإن علم بالعيب لزمه لا الآمر إلا في اليسير انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) : واقتصر [ ص: 198 ] المصنف في فصل التعدي على القول بأنه يحكم له بحكم الكثير .

                                                                                                                            ص ( أو في بيع فيخير موكله )

                                                                                                                            ش : هذا مستفاد مما تقدم لكنه أعاده ليكمله بقوله ولو ربويا ، وبقوله إلا أن يلتزم الوكيل الزائد ، فإنه راجع إلى المخالفة في الشراء والبيع كما قاله ابن الحاجب : وغيره والمعنى ، وحيث خالف في بيع فيخير موكله في إجازة البيع وأخذ الثمن الذي بيعت به ورده وأخذه سلعته إن كانت قائمة ، وهذا بعد أن يثبت أن السلعة ملك الموكل ، ويحلف على التعدي كما سيأتي ذلك في اختلاف الوكيل والموكل ، وصرح به في التوضيح في شرح قوله ولا بيع بعرض ولا نسيئة .

                                                                                                                            ( تنبيه ) : ولا يعد الوكيل بتعديه ملتزما لما سمى له الموكل من ثمن السلعة على المشهور قاله في التوضيح في شرح المسألة المذكورة والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( ولو ربويا يمثله )

                                                                                                                            ش : هذا إذا لم يعلم المشتري بتعدي الوكيل ، وأما إن علم بذلك فالعقد فاسد قاله المازري ونقله ابن عرفة .

                                                                                                                            ص ( إن لم يلتزم الوكيل الزائد على الأحسن )

                                                                                                                            ش : هذا راجع إلى مسألة المخالفة في البيع والشراء كما تقدم لكن معناه مختلف بالنسبة إلى مسألتين فمعناه في مسألة الشراء الزائد على الثمن الذي سمى له ، وفي مسألة البيع الزائد على الثمن الذي باع به .

                                                                                                                            ص ( أو اشتر بها فاشترى في الذمة ونقدها وعكسه )

                                                                                                                            ش : هكذا قال ابن شاس وابن الحاجب قال في التوضيح : وينبغي أن يتخرج على القول بوجوب الوفاء بشرط ما لا يفيد أن يكون للموكل الخيار أما إن ظهر لاشتراط الموكل فائدة ، فإنه يعمل على قوله بلا إشكال ، وقد نص المازري عليه انتهى . وهكذا نقل عنه ابن عرفة فإنه قال ذكر المازري للشافعية فيها كلاما ، ثم قال النكتة عندي غرض الموكل إن ظهر فيما رسم غرض فمخالفته عداء وإن لم يكن غرضه إلا تحصيل السلعة فليس بعداء وقال ابن عبد السلام : لو دفع له الدنانير وديعة فدفعها الوكيل في الثمن لم يبعد أن يكون متعديا إذا قيل بتعيين الدنانير والدراهم إذ قد يتعلق للآمر بعينها غرض صحيح إما لشبهة فيها ، فلا يجب فوتها بالشراء بها حتى ينظر في إصلاح تلك الشبهة أو لتحقيق طيب كسبها فيجب أن يشتري بها لقوته لا لتجارة أو لغير ذلك مما يقصده الناس ابن عرفة إن أراد أنه يحكم عليه على هذا القول بحكم التعدي بقيد كون [ ص: 199 ] الدنانير والدراهم قائمة بعينها ، فمسلم وإن أراد أنه يحكم عليه بحكم التعدي مطلقا ، وهو ظاهر قوله رد بأنه لا فائدة في الحكم عليه حينئذ بالتعدي ; لأن الواجب عليه بتعديه غرم مثل دنانير الآمر ويجب على الآمر غرم مثلها ، وهذا لا فائدة فيه انتهى .

                                                                                                                            ص ( والأخير في الثانية )

                                                                                                                            ش : يعني وإن أمكن إفراد أحدهما عن الآخر فتلزم الموكل واحدة منهما ويخير في الثانية بين أن يقبلها أو يردها ، ويأخذ ما ينوبها من الثمن هذا إن اشتراهما في عقد واحد وإن اشتراهما في عقدين فالأولى للموكل ويخير في الثانية فقول المصنف خير في الثانية شامل للصورتين ونحوه لابن عبد السلام .

                                                                                                                            ص ( وفي ذهب في بدراهم وعكسه قولان )

                                                                                                                            ش : قال في تصحيح ابن الحاجب : القول بالإمضاء اختيار اللخمي وتأول المدونة عليه وأشار في الشامل لتصحيحه بذلك انتهى . ونص الشامل ومضى في بيعه بذهب فباع بورق وعكسه على المختار والمؤول

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية