الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وقضي على شريك فيما لا ينقسم أن يعمر ، أو يباع )

                                                                                                                            ش : تصوره ظاهر من كلام الشارح وابن غازي ويستثنى من ذلك العين ، أو البئر تكون مشتركة قد قسمت [ ص: 144 ] أراضيها ولم يكن عليها زرع ، ولا شجر مثمر يخاف عليه فإنه لا خلاف أن الآبي من العمل لا يلزم به ويقال لصاحبه : اعمل ولك الماء كله وما زاد بعملك إلى أن يأتيك صاحبك الآبي بما يصيبه من النفقة قاله ابن رشد في أول كتاب السداد قال ابن يونس ظاهر كلام سحنون أنه يجبر على أن يعمل ، أو يبيع ممن يعمل ، وإن كان مقسوما انتهى .

                                                                                                                            بالمعنى وهو مخالف لما حكاه ابن رشد من الاتفاق ثم قال ابن رشد : وأما إذا كان عليها زرع ، أو شجر فقال ابن القاسم ذلك كما إذا لم يكن عليها شيء ، وقال ابن نافع والمخزومي إن الشريك في العين ، أو البئر يجبر على أن يعمر معه ، أو يبيع نصيبه ممن يعمر كالعلو يكون لرجل والسفل لآخر فينهدم وهو تنظير غير صحيح إذ لا يقدر صاحب العلو أن يبني علوه حتى يبني صاحب السفل سفله ويقدر الذي يريد السقي بماء البئر المشتركة بينهما إذا انهدمت أن يصل إلى ما يريد من السقي بأن يصلح البئر فيكون أحق بجميع الماء إلى أن يأتيه صاحبه بما ينوبه من النفقة فقول ابن القاسم أصح من قول ابن نافع والمخزومي والله أعلم انتهى .

                                                                                                                            ، وقد نص في حريم البئر من المدونة على أن من عمر أحق بالماء ونصها : وإذا كانت بئر بين رجلين فانهارت ، أو عين فانقطعت فعملها أحدهما وأبى الآخر أن يعمل لم يكن للذي لم يعمل من الماء قليل ، ولا كثير ، وإن كان فيه فضل إلا أن يعطي شريكه نصف ما أنفق ، وإذا احتاجت بئر ، أو قناة بين شركاء لسقي أرضهم إلى الكنس لقلة مائها فأراد بعضهم الكنس وأبى الآخرون وفي ترك الكنس ضرر على الماء وانتقاص والماء يكفي أو لا يكفي إلا الذين شاءوا الكنس خاصة فللذين شاءوا الكنس أن يكنسوا ثم يكونوا ، أولى بالذي زاد في الماء كنسهم دون من لم يكنس حتى يؤدوا حصتهم من النفقة فيرجعوا إلى أخذ حصتهم من جميع الماء ، وكذلك بئر الماشية إذا قل ماؤها فأراد بعضهم الكنس وأبى الآخر فهي كبئر الزرع ، فإن كنسه بعضهم كان جميعهم فيما كان من الماء قبل الكنس على قدر حقوقهم فيه ثم يكون الذين كنسوا أحق بما زاد الماء بكنسهم فإذا رووا كان الناس وأباة الكنس في الفضل سواء حتى يؤدوا حصصهم من النفقة ، فإذا أرادوا كان جميع الماء بينهم على قدر ما كان لهم ثم الناس في الفضل سواء انتهى .

                                                                                                                            فعلم أن مذهب المدونة في البئر والعين عدم الجبر على أن يعمل ، أو يبيع ممن يعمل وبهذا فارقت هذه المسألة مسألة الرحى الآتية فإن الآبي من العمل يجبر على أن يعمر ، أو يبيع ممن يعمر ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية