الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإن ظهر دين ، أو استحق مبيع ، وإن قبل فلسه رجع بالحصة كوارث ، أو موصى له على مثله )

                                                                                                                            ش : تصوره ظاهر .

                                                                                                                            ( فرع ) [ ص: 46 ] فلو بيع بعض مال المفلس وبعض الغرماء حاضر ، وقسمت التركة وصاحب الدين حاضر ، فنقل الشارح عن بعض الأشياخ في مسألة المفلس الاتفاق على أنه إذا كان الغريم حاضرا أنه لا يرجع على أحد منهم بشيء ونقل ابن رشد في ذلك خلافا قال في العتبية في نوازل عيسى من كتاب التفليس ، وسئل عن الرجل يكون له على الرجل الذكر الحق فلا يقوم به حتى يموت الذي عليه الحق واقتسم ورثته ماله وهو حاضر ينظر ، ثم قام بعد بذكر الحق قال : فلا شيء له إلا أن يكون له عذر في تركه القيام ، أو يكون لهم سلطان يمتنعون به ، أو نحو هذا مما يعذرون به فهو على حقه أبدا ، وإن طال زمانه إذا كان له عذر مما وصفنا { ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبطل حق امرئ مسلم وإن قدم } قال ابن رشد هذا خلاف قول سحنون في نوازله من هذا الكتاب : إن السلطان إذا باع مال الميت فقضى بعض غرمائه ، وبقيتهم حضور ، ثم قاموا عليهم أن لهم الدخول ولا يضرهم علمهم بموت صاحبهم ، وأن ماله بيع لمن قام طالبا لحقه من غرمائه ; لأنهم يقولون : كنا على حقوقنا ، وعلمنا أنه لا يبطلها عنا قيام أصحابنا ، وفرق بين ذلك وبين بيع مال المفلس يباع لبعض غرمائه وبعضهم حضور لا يقومون أن المفلس له ذمة تتبع فيحمل سكوتهم على أنهم رضوا باتباع ذمته ، والميت لا ذمة له فيكون القول قولهم أنهم إنما سكتوا غير راضين بترك حقوقهم وكان شيخنا أبو جعفر يقول ليس بين المسألتين فرق ولو قيل في هذا الفرق بالعكس لكان أشبه فتحصل في المسألة على ما كان يذهب إليه أربعة أقوال لا قيام في المسألتين ، والقيام فيهما جميعا والفرق بينهما على ما في نوازل سحنون والفرق بينهما على عكسه حسبما ذكرناه عن الشيخ وبالله التوفيق ا هـ بلفظه .

                                                                                                                            ثم لما ذكر مسألة نوازل سحنون لم يتكلم عليها بشيء وقوله : لا قيام في المسألتين يعني مسألة الميت والمفلس إذا قضى السلطان بعض الغرماء كما يظهر بالتأمل ، وقال ابن سلمون في فصل الإقرار : لما ذكر مسائل يكون فيها السكوت إقرارا وكذلك من كان له دين على تركة فقسمت التركة وهو حاضر ساكت فذلك يبطل دعواه في الدين ، ذكره ابن حبيب عن مالك ولابن القاسم مثله قال مطرف : إلا أن يكون له عذر ، أو لم يجد عقدا ، أو خوف سلطان ، أو شبه ذلك فيحلف إنما كان تركه للقيام إلا لما ذكر ويأخذ حقه ، قال بعضهم في هذه المسائل هي التي فيها السكوت كالإقرار ا هـ . وقوله ، أو لم يجد عقدا كأنه والله أعلم . إذا قال لم أعلم بالدين إلا حين وجدت العقد ، وأما إذا كان عالما بالدين ، وقال إنما أخرت الكلام لأني لم أجد العقد ، أو البينة فالذي اقتصر عليه الجزولي والشيخ يوسف بن عمر أن ذلك لا يفيده وصوبه أيضا ابن ناجي في شرح الرسالة وذكر عن شيخه أبي مهدي أنه يقبل قوله ، ثم رجع عن ذلك . وسيأتي كلامهم في باب الشهادات عند كلام المؤلف على الحيازة والله أعلم . وقول : ابن فرحون في الباب الثالث والخمسين من التبصرة في القضاء للإقرار أربعة أركان : الأول الصيغة وهي لفظ ، أو ما يقوم مقامه كالإشارة والكتابة والسكوت ، ثم قال : والسكوت مثل الميت تباع تركته وتقسم وغريمه حاضر ساكت لم يقم فلا قيام له إلا أن يكون له عذر ا هـ .

                                                                                                                            وقال في الباب الثاني والستين في القضاء بشهادة الوثيقة والرهن على استيفاء الحق

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية