الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( واعمل على دابتي فما حصل فلك نصفه )

                                                                                                                            ش : قال ابن غازي أي فما حصل من ثمن ، أو أجرة بدلالة قوله بعد : وجاز بنصف ما يحتطب عليها انتهى .

                                                                                                                            وقوله : من أجرة لعله يريد في صورة العكس التي في قوله عكس لتكريها ، وإلا فليس في هذه الصورة أجرة إنما فيها ثمن ولفظ المصنف نحو لفظ المدونة وفسر الشارح بأن المراد الثمن ( تنبيهات الأول : ) لا فرق في ذلك بين الدابة والسفينة والإبل قاله في المدونة ، وكذلك في عكس هذه المسألة لا فرق بينهما وزاد في المدونة معها في هذه مسألة الدار والحمام أعني فيما إذا دفع إليه هذه الأشياء ليكريها وسكت في المسألة الأولى أعني قوله : اعمل على دابتي عن الدار والحمام فقال عياض : لأن ما لا يذهب به ، ولا عمل فيه لمتوليه كالرباع فهو فيها أجير ، والكسب لربها ويستوي فيها اعمل وآجر ، ونقله أبو الحسن وقبله ، وكذلك قال اللخمي قوله : في السفينة أكرها ، واعمل عليها سواء إن كان فيها قومه ربها ; لأنه إنما يتولى العقد فغلتها لربها ، وله أجر مثله ، ولو كان سافر فيها بمتاعه فالربح له ولربها [ ص: 405 ] الإجارة والحمام والفرن إن لم يكن فيها دواب ، ولا آلة الطحن كان ما يؤاجر به للعامل أجر المثل ، وإن كانا بدوابهما ويشتري الحطب من عند صاحبهما ، أو من غلتهما فما أصاب لربهما وللعامل ، وعليه أجرة المثل ، وإنما هو قيم فيهما ، وكذا الفندق ما أكرى به مساكنه لربه ، وللقيم إجارته انتهى .

                                                                                                                            ( الثاني : ) لا فرق أيضا فيما إذا قال : اعمل على دابتي ، أو في سفينتي أو إبلي وبين أن يقول لي ، أو لا يقولها على ظاهر رواية الأكثرين وصريح رواية الدباغ ، وفي الجلاب إذا قال : اعمل لي كان الكسب كله لرب الدابة قال عياض والصواب : الأول : ولا فرق بين أن يقول لي ، أو لم يقلها إذ هو المقصود نقله أبو الحسن ( الثالث : ) إذا أصيب ما عمل عليها قبل بيعه فهو من العامل نقله أبو الحسن ( الرابع : ) إذا قال : اعمل على دابتي قال ابن عرفة الصقلي : لو عمل ، فلم يجد شيئا ، فعليه الكراء ; لأنه في ذمته ولابن حبيب إن عرف أنه عاقه عائق فلا شيء عليه إذا لم يكرها بشيء مضمون عليه ( قلت : ) وهذا نحو اختلافهم في القرض على الأداء من شيء بعينه يتعذر ، وهو مذكور في القراض ، وقال قبله اللخمي : إن قال أكر دابتي ولك نصف ما تكريها به فمضى بها ، ثم ردها وتعسر عليه كراؤها لم يكن له شيء ; لأنه فاسد والحكم أن يردها ، ولا يتم ذلك الفاسد ( الخامس : ) لو قال : أكرها فعمل عليها كان الكسب للعامل ولربها كراء المثل ; لأنه تعدى على منافع الدابة على غير ما أذن له ، وإن قال : اعمل عليها فأكراها فقال ابن القاسم : ما أكريت به للأجير ، ولربها إجارة المثل ، وقال في كتاب الشفعة : ما أكريت به لربها ; لأن ضمان منافعها منه انتهى .

                                                                                                                            من ابن عرفة ( السادس : ) من هذا الباب لو قلت له : بع سلعتي والثمن بيني وبينك ، أو ما زاد على مائة بيني وبينك فقال في المدونة : ذلك لا يجوز والثمن له ، وللبائع أجر مثله ابن يونس عن بعض القرويين الفرق بين إن وقف وساوم ، ولم يأته أحد فالأشبه له أجر مثله إلا أن يتأول أنه جعل فاسد ، والأشبه الأول : أبو الحسن ، وهذا على أن الجعل الفاسد يرد إلى صحيح أصله ، وعلى أنه يرد إلى صحيح غيره له أجر مثله .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية