[ ص: 439 - 440 ] فصل في كيفية القسمة قال ( وينبغي للقاسم أن يصور ما يقسمه ) ليمكنه حفظه ( ويعدله ) يعني يسويه على سهام القسمة ويروى يعزله : أي يقطعه بالقسمة عن غيره ( ويذرعه ) ليعرف قدره ( ويقوم البناء ) لحاجته إليه في الآخرة ( ويفرز كل نصيب عن الباقي بطريقه وشربه حتى لا يكون لنصيب بعضهم بنصيب الآخر تعلق ) فتنقطع المنازعة ويتحقق معنى القسمة على التمام ( ثم يلقب نصيبا بالأول ، والذي يليه بالثاني والثالث على هذا ثم يخرج القرعة ، فمن خرج اسمه أولا فله السهم الأول ، ومن خرج ثانيا فله السهم الثاني ) والأصل أن ينظر في ذلك إلى أقل الأنصباء ، حتى إذا كان الأقل ثلثا جعلها أثلاثا ، وإن كان سدسا جعلها أسداسا لتمكن القسمة ، وقد شرحناه مشبعا في كفاية المنتهى بتوفيق الله تعالى وقوله في الكتاب : ويفرز كل نصيب بطريقه وشربه بيان الأفضل ، فإن لم يفعل أو لم يمكن جاز على ما نذكره بتفصيله إن شاء الله تعالى .
والقرعة لتطييب القلوب وإزاحة تهمة الميل ، [ ص: 441 ] حتى لو جاز لأنه في معنى القضاء فيملك الإلزام . قال ( ولا عين لكل منهم نصيبا من غير إقراع إلا بتراضيهم لأنه لا شركة في الدراهم والقسمة من حقوق الاشتراك ) ، ولأنه يفوت به التعديل في القسمة لأن أحدهما يصل إلى عين العقار ودراهم الآخر في ذمته ولعلها لا تسلم له ( وإذا يدخل في القسمة الدراهم والدنانير ; فعن كان أرض وبناء أنه يقسم كل ذلك على اعتبار القيمة ) لأنه لا يمكن اعتبار المعادلة إلا بالتقويم وعن أبي يوسف أنه يقسم الأرض بالمساحة لأنه هو الأصل في الممسوحات ، ثم يرد من وقع البناء في نصيبه أو من كان نصيبه أجود دراهم على الآخر حتى يساويه فتدخل الدراهم في القسمة ضرورة كالأخ لا ولاية له في المال ، ثم يملك تسمية الصداق ضرورة التزويج وعن أبي حنيفة أنه يرد على شريكه بمقابلة البناء ما يساويه من العرصة ، وإذا بقي فضل ولم يمكن تحقيق التسوية بأن كان لا تفي العرصة بقيمة البناء فحينئذ يرد للفضل دراهم ، لأن الضرورة في هذا القدر فلا يترك الأصل إلا بها . محمد
وهذا يوافق رواية الأصل قال ( فإن ) ، فإن أمكن صرف الطريق والمسيل عنه ليس له أن يستطرق في نصيب الآخر لأنه أمكن تحقيق معنى القسمة من غير ضرر [ ص: 442 ] ( وإن لم يمكن فسخت القسمة ) لأن القسمة مختلة لبقاء الاختلاط فتستأنف بخلاف البيع حيث لا يفسد في هذه الصورة ، لأن المقصود منه تملك العين ، وأنه يجامع تعذر الانتفاع في الحال ، أما القسمة لتكميل المنفعة ولا يتم ذلك إلا بالطريق ، ولو ذكر الحقوق في الوجه الأول كذلك الجواب ، لأن معنى القسمة الإفراز والتمييز ، وتمام ذلك بأن لا يبقى لكل واحد تعلق بنصيب الآخر وقد أمكن تحقيقه بصرف الطريق والمسيل إلى غيره من غير ضرر فيصار إليه ، بخلاف البيع إذا ذكر فيه الحقوق حيث يدخل فيه ما كان له من الطريق والمسيل ، لأنه أمكن تحقيق معنى البيع وهو التمليك مع بقاء هذا التعلق بملك غيره وفي الوجه الثاني يدخل فيها لأن القسمة لتكميل المنفعة وذلك بالطريق والمسيل فيدخل عند التنصيص باعتباره ، وفيها معنى الإفراز وذلك بانقطاع التعلق على ما ذكرنا ، فباعتباره لا يدخل من غير تنصيص ، بخلاف الإجارة حيث يدخل فيها بدون التنصيص ، لأن كل المقصود الانتفاع وذلك لا يحصل إلا بإدخال الشرب والطريق فيدخل من غير ذكر ( ولو قسم بينهم ولأحدهم مسيل في نصيب الآخر أو طريق لم يشترط في القسمة ، إن كان يستقيم لكل واحد طريق يفتحه في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق يرفع لجماعتهم ) لتحقق الإفراز بالكلية دونه . اختلفوا في رفع الطريق بينهم في القسمة
( وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم ) ليتحقق تكميل المنفعة فيما وراء الطريق ( ولو اختلفوا في مقداره جعل على عرض باب الدار وطوله ) لأن الحاجة تندفع به ( والطريق على سهامهم كما كان قبل القسمة ) لأن القسمة فيما وراء الطريق لا فيه ( ولو شرطوا أن يكون الطريق [ ص: 443 ] بينهما أثلاثا جاز وإن كان أصل الدار نصفين ) لأن القسمة على التفاضل جائزة بالتراضي .