الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ( وإن استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز وإن لم يبين قسط كل شهر من الأجرة ) ; لأن المدة معلومة بدون التقسيم فصار كإجارة شهر واحد فإنه جائز وإن لم يبين قسط كل يوم ، ثم يعتبر ابتداء المدة مما سمى [ ص: 95 - 96 ] وإن لم يسم شيئا فهو من الوقت الذي استأجره ; لأن الأوقات كلها في حق الإجارة على السواء فأشبه اليمين ، بخلاف الصوم ; لأن الليالي ليست بمحل له ( ثم إن كان العقد حين يهل الهلال فشهور السنة كلها بالأهلة ) ; لأنها هي الأصل ( وإن كان في أثناء الشهر فالكل بالأيام ) عند أبي حنيفة وهو رواية عن أبي يوسف . وعند محمد وهو رواية عن أبي يوسف الأول بالأيام والباقي بالأهلة ; لأن الأيام يصار إليها ضرورة ، والضرورة في الأول منها . وله أنه متى تم الأول بالأيام ابتدأ الثاني بالأيام ضرورة وهكذا إلى آخر السنة ، ونظيره العدة وقد مر في الطلاق .

التالي السابق


( قوله : لأن الأوقات كلها في حق الإجارة على السواء ) قال صاحب العناية في تعليله لذكر الشهور منكورا وتبعه الشارح العيني . أقول : ليس ذلك بسديد . أما أولا فلأن المذكور في المسألة هو السنة دون الشهور . وأما ثانيا فلأن المذكور في مسألة النذر بالصوم أيضا منكور مع أن الجواب مختلف . والصواب في تعليل ذلك أن يقال : لأن كل الأوقات محل للإجارة ، إذ لا منافاة بين الإجارة وبين وقت ما أصلا ، فإن هذا التعليل هو الفارق بين المسألتين وهو الموافق لقول المصنف بخلاف الصوم ; لأن الليالي ليس بمحل له تبصر . ( قوله : ثم إن كان العقد حين يهل الهلال ) قال صاحب النهاية بضم الياء وفتح الهاء على صيغة بناء المفعول : أي يبصر الهلال وقال : أراد به اليوم الأول ، ورد عليه صاحب الغاية حيث قال : فسر بعضهم في شرحه قوله حين يهل بقوله أراد به اليوم الأول ، وفيه نظر ; لأنه ليس حين يهل الهلال بل هو أول الليلة الأولى من الشهر . انتهى كلامه .

أقول : نظره ساقط ; لأن [ ص: 97 ] صاحب النهاية قد فسر قوله يهل الهلال بقوله : أي يبصر الهلال ، فعلى هذا التفسير كان معنى قوله حين يهل الهلال حين يبصر الهلال وهو أول الليلة من الشهر قطعا ، وليس مراده بقوله أراد به اليوم الأول تفسير معنى قوله حين يهل الهلال ، إذ قد علم معناه من تفسيره السابق قطعا ، بل مراده بذلك بيان أن ليس المراد بقولهم حين يهل الهلال في هذه المسألة معناه الحقيقي ، وهو أول الليلة من الشهر لتعسر كون العقد فيه ، بل المراد به معناه العرفي وهو اليوم الأول من الشهر ، وهذا نظير ما قالوا في المسألة الأولى لم يرد محمد رحمه الله برأس الشهر في قوله لكل واحد منهما أن ينقض الإجارة رأس الشهر من حيث الحقيقة ، وهو الساعة التي يهل فيها الهلال بل رأس الشهر من حيث العرف والعادة ، وهو الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها فلا يرد عليه [ ص: 98 ] النظر المزبور أصلا .




الخدمات العلمية