[ ص: 199 ] قال ( وإذا فهي أم ولد للأول ) لأنه لما ادعى أحدهما الولد صحت دعوته لقيام الملك له فيها وصار نصيبه أم ولد له ، لأن كانت جارية بين رجلين كاتباها فوطئها أحدهما فجاءت بولد فادعاه ثم وطئها الآخر فجاءت بولد فادعاه ثم عجزت فتقتصر أمومية الولد على نصيبه كما في المدبرة المشتركة ، وإذا ادعى الثاني ولدها الأخير صحت دعوته لقيام ملكه ظاهرا ، ثم إذا عجزت بعد ذلك جعلت الكتابة كأن لم تكن وتبين أن الجارية كلها أم ولد للأول لأنه زال المانع من الانتقال ووطؤه سابق ( ويضمن نصف قيمتها ) لأنه تملك نصيبه لما استكمل الاستيلاد ( ونصف عقرها ) لوطئه جارية مشتركة ( ويضمن شريكه كمال عقرها وقيمة الولد ويكون ابنه ) لأنه بمنزلة المغرور ، لأنه حين وطئها كان ملكه قائما ظاهرا . المكاتبة لا تقبل النقل من ملك إلى ملك
[ ص: 200 ] وولد المغرور ثابت النسب منه حر بالقيمة على ما عرف لكنه وطئ أم ولد الغير حقيقة فيلزمه كمال العقر ( وأيهما دفع العقر إلى المكاتبة جاز ) لأن الكتابة ما دامت باقية فحق القبض لها لاختصاصها بمنافعها وأبدالها ، وإذا عجزت ترد العقر إلى المولى لظهور اختصاصه ( وهذا ) الذي ذكرنا ( كله قول . وقال أبي حنيفة أبو يوسف : هي أم ولد للأول ولا يجوز وطء الآخر ) ومحمد
لأنه لما ادعى الأول الولد صارت كلها أم ولد له لأن أمومية الولد يجب تكميلها بالإجماع ما أمكن ، وقد أمكن بفسخ الكتابة لأنها قابلة للفسخ فتفسخ فيما لا تتضرر به المكاتبة وتبقى الكتابة فيما وراءه ، بخلاف التدبير لأنه لا يقبل الفسخ ، وبخلاف بيع المكاتب لأن في تجويزه إبطال الكتابة إذ المشتري [ ص: 201 ] لا يرضى ببقائه مكاتبا .
وإذا صارت كلها أم ولد له فالثاني وطئ أم ولد الغير ( فلا يثبت نسب الولد منه ولا يكون حرا عليه بالقيمة ) غير أنه لا يجب الحد عليه للشبهة ( ويلزمه جميع العقر ) لأن الوطء لا يعرى عن إحدى الغرامتين ، وإذا بقيت الكتابة وصارت كلها مكاتبة له ، قيل يجب عليها نصف بدل الكتابة لأن الكتابة انفسخت فيما لا تتضرر به المكاتبة ولا تتضرر بسقوط نصف البدل .
وقيل يجب كل البدل لأن الكتابة لم تنفسخ إلا في حق التملك ضرورة فلا يظهر في حق سقوط نصف البدل وفي إبقائه في حقه نظر للمولى وإن كان لا تتضرر المكاتبة بسقوطه ، والمكاتبة هي التي تعطي العقر لاختصاصها بأبدال منافعها .
ولو عجزت وردت في الرق ترد إلى المولى لظهور اختصاصه على ما بينا [ ص: 202 ] قال ( ويضمن الأول لشريكه في قياس قول رحمه الله نصف قيمتها مكاتبة ) لأنه تملك نصيب شريكه وهي مكاتبة فيضمنه موسرا كان أو معسرا لأنه ضمان التملك ( وفي قول أبي يوسف : يضمن الأقل من نصف قيمتها ومن نصف ما بقي من بدل الكتابة ) لأن حق شريكه في نصف الرقبة على اعتبار العجز ، وفي نصف البدل على اعتبار الأداء فلتردده بينهما يجب أقلهما . محمد
قال ( وإذا بطل التدبير ) لأنه لم يصادف الملك . أما عندهما فظاهر لأن المستولد تملكها قبل العجز . وأما عند كان الثاني لم يطأها ولكن دبرها ثم عجزت رحمه الله فلأنه بالعجز تبين أنه تملك نصيبه من وقت الوطء فتبين أنه مصادف ملك غيره والتدبير يعتمد الملك ، بخلاف النسب لأنه يعتمد الغرور على ما مر . أبي حنيفة
قال ( وهي أم ولد للأول ) [ ص: 203 ] لأنه تملك نصيب شريكه وكمل الاستيلاد على ما بينا ( ويضمن لشريكه نصف عقرها ) لوطئه جارية مشتركة ( ونصف قيمتها ) لأنه تملك نصفها بالاستيلاد وهو تملك بالقيمة ( والولد ولد الأول ) لأنه صحت دعوته لقيام المصحح ، وهذا قولهم جميعا . ووجهه ما بينا .