قال ( كالشرب والطريق ثم للجار ) أفاد هذا اللفظ ثبوت حق الشفعة لكل [ ص: 370 ] واحد من هؤلاء وأفاد الترتيب ، أما الثبوت فلقوله عليه الصلاة والسلام { الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ثم للخليط في حق المبيع } ولقوله عليه الصلاة والسلام [ ص: 371 ] { الشفعة لشريك لم يقاسم } ولقوله عليه الصلاة والسلام { جار الدار أحق بالدار والأرض ، ينتظر له وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا } ويروى { الجار أحق بسقبه ، قيل يا رسول الله ما سقبه ؟ قال شفعته } وقال الجار أحق بشفعته لا شفعة بالجوار لقوله عليه الصلاة والسلام { الشافعي } [ ص: 372 ] ولأن حق الشفعة معدول به عن سنن القياس لما فيه من تملك المال على الغير من غير رضاه ، وقد ورد الشرع به فيما لم يقسم ، وهذا ليس في معناه ; لأن مؤنة القسمة تلزمه في الأصل دون الفرع ، ولنا ما روينا ، [ ص: 373 ] ولأن ملكه متصل بملك الدخيل اتصال تأبيد وقرار فيثبت له حق الشفعة عند وجود المعاوضة بالمال اعتبارا بمورد الشرع ، وهذا لأن الاتصال على هذه الصفة إنما انتصب سببا فيه لدفع ضرر الجوار ، إذ هو مادة المضار على ما عرف ، وقطع هذه المادة بتملك الأصل أولى ; لأن الضرر في حقه بإزعاجه عن خطة آبائه أقوى ، [ ص: 374 ] وضرر القسمة مشروع لا يصلح علة لتحقيق ضرر غيره . [ ص: 375 ] وأما الترتيب فلقوله عليه الصلاة والسلام { الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطريق فلا شفعة } فالشريك في نفس المبيع والخليط في حقوق المبيع والشفيع هو الجار . [ ص: 376 ] ولأن الاتصال بالشركة في المبيع أقوى ; لأنه في كل جزء ، وبعده الاتصال في الحقوق ; لأنه شركة في مرافق الملك ، والترجيح يتحقق بقوة السبب ، ولأن ضرر القسمة إن لم يصلح علة صلح مرجحا . . الشريك أحق من الخليط ، والخليط أحق من الشفيع