[ ص: 382 ] باب طلب الشفعة والخصومة فيها قال ( وإذا علم الشفيع بالبيع أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة ) اعلم أن الطلب على ثلاثة أوجه : طلب المواثبة وهو أن يطلبها كما علم ، حتى لو بطلت الشفعة لما ذكرنا ، ولقوله عليه الصلاة والسلام { بلغ الشفيع البيع ولم يطلب شفعة } ولو أخبر بكتاب والشفعة في أوله أو في وسطه فقرأ الكتاب إلى آخره بطلت شفعته وعلى هذا عامة المشايخ ، وهو رواية عن الشفعة لمن واثبها . محمد
أن له مجلس العلم ، والروايتان في النوادر . وبالثانية أخذ وعنه ; لأنه لما ثبت له خيار التملك لا بد له من زمان التأمل كما في المخيرة ، ولو قال بعدما بلغه [ ص: 383 ] البيع الحمد لله أو " لا حول ولا قوة إلا بالله " أو قال " سبحان الله " لا تبطل شفعته ; لأن الأول حمد على الخلاص من جواره والثاني تعجب منه لقصد إضراره ، والثالث لافتتاح كلامه فلا يدل شيء منه على الإعراض ، وكذا إذا قال من ابتاعها وبكم بيعت ; لأنه يرغب فيها بثمن دون ثمن ويرغب عن مجاورة بعض دون بعض ، والمراد بقوله في الكتاب أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة طلب المواثبة ، والإشهاد فيه ليس بلازم ، إنما هو لنفي التجاحد والتقييد بالمجلس إشارة إلى ما اختاره الكرخي . الكرخي
ويصح الطلب بكل لفظ يفهم منه كما لو قال : طلبت الشفعة أو أطلبها أو أنا طالبها ; لأن الاعتبار للمعنى ، وإذا بلغ الشفيع بيع الدار لم يجب عليه الإشهاد حتى [ ص: 384 ] يخبره رجلان أو رجل وامرأتان أو واحد عدل عند طلب الشفعة ، أبي حنيفة وقالا : يجب عليه أن يشهد إذا أخبره واحد حرا كان أو عبدا صبيا كان أو امرأة إذا كان الخبر حقا .
وأصل الاختلاف في عزل الوكيل وقد ذكرناه بدلائله وأخواته فيما تقدم ، وهذا بخلاف المخيرة إذا أخبرت عنده ; لأنه ليس فيه إلزام حكم ، وبخلاف ما إذا أخبره المشتري ; لأنه خصم فيه والعدالة غير معتبرة في الخصوم . والثاني طلب التقرير والإشهاد ; لأنه محتاج إليه لإثباته عند القاضي على ما ذكرنا ، ولا يمكنه الإشهاد ظاهرا على طلب المواثبة ; لأنه على فور العلم بالشراء فيحتاج بعد ذلك إلى طلب الإشهاد والتقرير وبيانه ما قال في الكتاب ( ثم ينهض منه ) يعني من المجلس ( ويشهد على البائع إن كان المبيع في يده ) معناه لم يسلم إلى المشتري ( أو على المبتاع أو عند العقار ، فإذا فعل ذلك استقرت شفعته ) وهذا لأن كل واحد منهما خصم فيه ; لأن للأول اليد وللثاني الملك ، وكذا يصح الإشهاد عند المبيع ; لأن الحق متعلق به ، فإن سلم البائع المبيع لم يصح الإشهاد عليه لخروجه من أن يكون خصما ، إذ لا يد له ولا ملك [ ص: 385 ] فصار كالأجنبي . وصورة هذا الطلب أن يقول : إن فلانا اشترى هذه الدار وأنا شفيعها وقد كنت طلبت الشفعة وأطلبها الآن فاشهدوا على ذلك . وعن أنه يشترط تسمية المبيع وتحديده ; لأن المطالبة لا تصح إلا في معلوم . والثالث طلب الخصومة والتملك ، وسنذكر كيفيته من بعد إن شاء الله تعالى . . أبي يوسف