الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وتجوز المنازعة في الشفعة وإن لم يحضر الشفيع الثمن إلى مجلس القاضي ، فإذا قضى القاضي بالشفعة لزمه إحضار الثمن ) وهذا ظاهر رواية الأصل . وعن محمد أنه لا يقضي حتى يحضر الشفيع الثمن ، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة ; لأن الشفيع عساه يكون مفلسا فيتوقف القضاء على إحضاره حتى لا يتوي مال المشتري . وجه الظاهر أنه لا ثمن له عليه قبل القضاء ولهذا لا يشترط تسليمه ، فكذا لا يشترط إحضاره ( وإذا قضى له بالدار فللمشتري أن يحبسه حتى يستوفي الثمن ) وينفذ القضاء عند محمد أيضا ; لأنه فصل مجتهد فيه ووجب عليه الثمن فيحبس فيه ، فلو أخر أداء الثمن بعد ما قال له ادفع الثمن إليه لا تبطل شفعته ; لأنها تأكدت بالخصومة عند القاضي . قال ( وإن أحضر الشفيع البائع ، والمبيع في يده فله أن يخاصمه في الشفعة ; لأن اليد له وهي يد مستحقة ) ولا يسمع القاضي البينة حتى يحضر المشتري فيفسخ البيع بمشهد منه ويقضي بالشفعة [ ص: 388 ] على البائع ويجعل العهدة عليه ; لأن الملك للمشتري واليد للبائع ، والقاضي يقضي بهما للشفيع فلا بد من حضورهما ، بخلاف ما إذا كانت الدار قد قبضت حيث لا يعتبر حضور البائع ; لأنه صار أجنبيا إذ لا يبقى له يد ولا ملك . وقوله فيفسخ البيع بمشهد منه إشارة إلى علة أخرى وهي أن البيع في حق المشتري إذا كان ينفسخ لا بد من حضوره ليقضي بالفسخ عليه ، ثم وجه هذا الفسخ المذكور أن ينفسخ في حق الإضافة لامتناع قبض المشتري بالأخذ بالشفعة وهو يوجب الفسخ ، إلا أنه يبقى أصل البيع لتعذر انفساخه ; لأن الشفعة بناء عليه ، ولكنه تتحول الصفقة إليه ويصير كأنه هو المشتري منه فلهذا يرجع بالعهدة على البائع ، بخلاف ما إذا قبضه المشتري فأخذه من يده [ ص: 389 ] حيث تكون العهدة عليه ; لأنه ملكه بالقبض . وفي الوجه الأول امتنع قبض المشتري وأنه يوجب الفسخ ، وقد طولنا الكلام فيه في كفاية المنتهى بتوفيق الله تعالى . .

التالي السابق


الخدمات العلمية