فصل فيمن يلي الصبي مع بيان كيفية تصرفه في ماله
( ولي الصبي ) أي الصغير ولو أنثى ( أبوه ) إجماعا ( ثم جده ) أبو أبيه وإن علا كولاية النكاح ; وإنما لم يثبت بعدهما لباقي العصبة كالنكاح لقصور نظرهم في المال وكماله في النكاح ، وتكفي عدالتهما الظاهرة لوفور شفقتهما ، فإن فسقا نزع الحاكم المال منهم كما ذكراه في باب الوصية وينعزلان بالفسق في أوجه الوجهين ، وعليه لو فسق بعد البيع وقبل اللزوم لم يبطل البيع في الأصح ويثبت الخيار لمن بعده من الأولياء ولا يعتبر إسلامهما ما لم يكن الولد مسلما إذ الكافر يلي ولده الكافر حيث كان عدلا في دينه ، والأوجه بقاء ولايته عليه وإن ترافعوا إلينا كالنكاح خلافا للماوردي والروياني .
قال السبكي : وقياس قول من قال في ولاية الإجبار [ ص: 374 ] في النكاح : إن شرطهما عدم العداوة أن يطرد ذلك في ولاية المال .
قال الزركشي : وهو ظاهر .
وقد نقل في باب الوصايا عن الروياني وآخرين أنه يشترط في الوصي عدم العداوة .
وقضية تعبيره بالصبي أنه لا ولاية للمذكورين على الأجنة بالتصرف ، وصرحا به في الفرائض لكن بالنسبة للحاكم فقط ، فلا ينافيه ما يأتي في الإيصاء من جواز النصب على الحمل لحمله على منصوب الأب أو الجد ( ثم وصيهما ) أي وصي من تأخر موته منهما لقيامه مقامه وشرطه العدالة كما يأتي في بابه ( ثم القاضي ) أي العدل الأمين لخبر { السلطان ولي من لا ولي له } رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه ، ولو كان اليتيم ببلد وماله ببلد آخر فولي ماله قاضي بلد المال ; لأن الولاية عليه ترتبط بماله كمال الغائبين ، لكن محله في تصرفه فيه بالحفظ والتعهد وبما يقتضيه الحال من الغبطة اللائقة إذا أشرف على التلف ، ولقاضي بلده المتصف بما مر أن يطلب من قاضي بلد ماله إحضاره إليه عند أمن الطريق لظهور المصلحة له فيه ليتجر له فيه أو يشتري له به عقارا ، ويجب على قاضي بلد المال إسعافه بذلك وحكم المجنون ومن بلغ سفيها كالصبي في ترتيب الأولياء .
قال الجرجاني : وإذا لم يوجد أحد من الأولياء المذكورين فعلى المسلمين النظر في مال محجورهم وتولي حفظه لهم .
وأفتى ابن الصلاح فيمن عنده يتيم أجنبي ولو سلمه لحاكم خان فيه بأنه يجوز له التصرف في ماله للضرورة .
ويؤخذ من علته أنه لو ولي عدل أمين وجب الرفع إليه حينئذ ولا ينقض ما كان تصرف فيه زمن الجائر ; لأنه كان وليا شرعا ، ويؤخذ من كلام الجرجاني السابق مع ما مر أنه [ ص: 375 ] لو لم يوجد إلا قاض فاسق أو غير أمين كانت الولاية للمسلمين : أي لصلحائهم وهو متجه ( ولا تلي الأم في الأصح ) قياسا على النكاح .
والثاني تلي بعد الأب والجد وتقدم على وصيهما لكمال شفقتها ، ومثلها في عدم الولاية سائر العصبة كأخ وعم .
نعم لهم الإنفاق من مال الطفل في تأديبه وتعليمه وإن لم يكن لهم عليه ولاية ; لأنه قليل فسومح به ، ومحله عند غيبة وليه ، وإلا فلا بد من مراجعته فيما يظهر .
قال الشيخ : والمجنون والسفيه كالصبي في ذلك ، ومراده بالمجنون هنا من له نوع تمييز


