( ومنزل بدوية ) بفتح الدال نسبة لسكان البادية وهو من شاذ النسب كما قاله ( وبيتها من ) نحو ( شعر ) كصوف ( كمنزل حضرية ) في لزوم ملازمته في العدة ، ولو ارتحل في أثنائها كل الحي ارتحلت معهم للضرورة أو بعضهم وفي المقيمين قوة ومنعة امتنع ارتحالها وإن ارتحل أهلها وفي الباقين قوة ومنعة خيرت بين الإقامة والارتحال لأن مفارقة الأهل عسرة موحشة ، وهذا مما تخالف فيه البدوية الحضرية فإن أهلها لو ارتحلوا لم ترتحل معهم مع أن التعليل يقتضي عدم الفرق ، وقول سيبويه البلقيني : محل التخيير في المتوفى [ ص: 160 ] عنها زوجها والبائن بالطلاق ، أما الرجعية فلمطلقها طلب إقامتها إذا كان في المقيمين كما هو ظاهر نص الأم ، وفيه توقف لتقصيره بترك الرجعة مبني على أن له أن يسكن الرجعية حيث شاء ، والمشهور أنها كغيرها كما مر وحينئذ فليس له منعها ، ولها في حالة ارتحالها معهم الإقامة متخلفة دونهم في نحو قرية في الطريق لتعتد فإنه أليق بحال المعتدة من سيرها ، وإن هرب أهلها خوفا من عدو وأمنت امتنع عليها الهرب لعودهم بعد أمنهم ومقتضى مجيء ما مر فيها من أنه لو أذن لها في الانتقال من بيت في الحلة إلى آخر منها فخرجت منه ولم تصل إلى الآخر هل يجب عليها المضي أو الرجوع ، أو أذن لها في الانتقال من تلك الحلة إلى حلة أخرى فوجد سبب العدة من موت أو طلاق بين الحلتين أو بعد خروجها من منزله وقبل مفارقة حلتها فهل تمضي أو ترجع على التفصيل السابق في الحضرية ، وسكت في الروضة كأصلها عن جميع ذلك ، إلحاق البدوية بالحضرية اعتدت فيها إن انفردت عن مطلقها بمسكن بمرافقه فيها لاتساعها مع اشتمالها على بيوت متميزة المرافق لأن ذلك كبيت من خان وإن لم تنفرد بذلك ، فإن صحبها محرم لها يمكنه أن يقوم بتسيير السفينة أخرج الزوج منها واعتدت هي فيها . ولو طلقها ملاح سفينة أو مات وكان مسكنها السفينة
وإن لم تجد محرما متصفا بذلك خرجت إلى أقرب القرى إلى الشط واعتدت فيه ، فإن تعذر خروجها تسترت وتنحت عنه بحسب الإمكان ( وإذا ) ( تعين ) استدامتها فيه وليس لأحد إخراجها منه بغير عذر مما مر ، نعم ( كان المسكن ) ملكا ( له ويليق بها ) بأن يسكن مثلها في مثله جاز ونقلت إن لم يرض المشتري بإقامتها فيه بأجرة مثله كما بحثه لو رهنه على دين قبل ذلك ثم حل الدين بعد طلاقها وتعين بيعه في وفائه الأذرعي ، وأما غير اللائق بها فلا يكلفه كالزوجة خلافا لمن فرق ، وفي كلام المصنف إشارة إلى اعتبار اللائق بها في المسكن لا به كما في حال الزوجية ، وقول الماوردي يراعي حال الزوجة لا حال الزوج معترض فقد قال الأذرعي لا أعرف التفرقة لغيره ( ولا يصح بيعه ) ما لم تنقض عدتها حيث كانت بأقراء أو حمل لأن المنفعة مستحقة وآخر المدة غير معلوم ( إلا في عدة ذات أشهر فكمستأجر ) بفتح الجيم فيصح في الأظهر .
( وقيل ) بيع مسكنها ( باطل ) أي قطعا ، وفرق بأن المستأجر يملك المنفعة والمعتدة لا تملكها فيصير كأن المطلق باعه واستثنى منفعته لنفسه مدة معلومة وذلك باطل ، ومحل الخلاف حيث لم تكن المعتدة هي المستأجرة وإلا صح جزما ( أو ) كان ( مستعارا [ ص: 161 ] لزمتها ) العدة ( فيه ) لأن السكنى ثابتة في المستعار كالمملوك فشملتها الآية ، وليس للزوج نقلها لتعلق حقه تعالى بذلك ( فإن رجع المعير ) فيه ( ولم يرض بأجرة ) لمثل مسكنها بأن طلب أكثر منها أو امتنع من إجارته ( نقلت ) إلى أقرب ما يوجد ، وأفهم كلامه امتناع النقل مع رضاه بأجرة المثل فيجبر الزوج على بذلها كما نقلاه عن المتولي وأقراه وإن توقف فيه الأذرعي فيما لو قدر على مسكن مجانا بعارية أو وصية أو نحوهما ، وخروج المعير عن أهلية التبرع بجنون وسفه أو زوال استحقاق كرجوعه .
قال في المطلب : ولم يفرقوا بين كون الإعارة قبل وجوب العدة أو بعدها ، فإن كان بعدها وعلم بالحال لزمت لحق الله تعالى كما تلزم في نحو دفن ميت .
وفرق الروياني بين لزومها في نحو الإعارة للبناء وعدمها هنا بأنه لا مشقة ولا ضرورة في انتقالها هنا لو رجع بخلاف نحو الهدم ثم فيقال بمثله هنا .
والحاصل حينئذ جواز رجوع المعير المعتدة مطلقا وإنما تكون لازمة من جهة المستعير كما تقرر في باب العارية ، فدعوى تصريحهم بما قاله في المطلب خلط ، والأوجه أن المعير الراجع لو رضي بسكناها إعارة بعد انتقالها لمعار أو مستأجر لم يلزمها العود للأول لأنها غير آمنة من رجوعه بعد ( وكذا مستأجر انقضت مدته ) فلتنتقل منه حيث لم يرض مالكه بتجديد إجارة بأجرة مثل ، بخلاف ما إذا رضي بذلك فلا تنتقل ، وفي معنى المستأجر الموصى له بالسكنى مدة وانقضت ( أو ) لزمتها العدة وهي بمسكن مستحق ( لها استمرت ) فيه وجوبا إن تطلب النقلة لغيره وإلا فجوازا ( و ) إذا اختارت الإقامة فيه ( طلبت الأجرة ) منه أو من تركته إن شاءت لأن السكنى عليه ، فإن مضت مدة قبل طلبها سقطت كما لو سكن معها في منزلها بإذنها وهي في عصمته على النص ، وبه أفتى . ابن الصلاح
ووجهه بأن الإذن المطلق عن ذكر العوض ينزل على الإعارة والإباحة : [ ص: 162 ] أي مع كونه تابعا لها في السكنى ، ولا بد من اعتبار كونها مطلقة التصرف ، ومن ثم بحث بعض الشراح أن محله إن لم تتميز أمتعته بمحل منها وإلا لزمته أجرته فلم تصرح له بالإباحة ، لكن ظاهر كلامهم يخالفه