الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
660 - " إذا زنى العبد؛ خرج منه الإيمان؛ فكان على رأسه كالظلة؛ فإذا أقلع؛ رجع إليه " ؛ (د ك) عن أبي هريرة ؛ (صح).

التالي السابق


(إذا زنى العبد) ؛ أي: أخذ في الزنا؛ (خرج منه الإيمان) ؛ أي: نوره؛ أو كماله؛ (فكان على رأسه كالظلة) ؛ بضم الظاء؛ وشد اللام: السحابة؛ فلا يزول حكمه؛ ولا يرتفع عنه اسمه؛ ما دام فيه؛ لأن للإيمان أنوارا في القلب؛ وآثارا في الجوارح؛ فيقبل عند مقارفة المعاصي؛ ويظلم عند التلبس بالذنوب؛ والمؤمن لا يزني إلا إذا استولى شبقه؛ واشتعلت شهوته؛ بحيث تغلب إيمانه؛ وتشغله عنه؛ فيصير في تلك الحالة كالفاقد للإيمان؛ لا يرتفع عنه اسمه؛ ولا يزول حكمه؛ بل هو في كنف رعايته وظل عصمته؛ والإيمان مظل عليه كالظلة؛ وهي أول سحابة تظل على الأرض؛ فإذا فرغ منه زال الشبق المعاوق عن الثبات على ما يأمره إيمانه؛ والموجب لذهوله ونسيانه؛ عاد الإيمان؛ وأخذ في القوة والازدياد؛ كما قال: (فإذا أقلع) ؛ أي: نزع عن المعصية؛ وتاب منها توبة صحيحة؛ بشروطها؛ ومنها أن يستحل حليل المزني بها؛ على ما قيل؛ لكنه عليل؛ بل القويم اغتفاره لما يترتب على إعماله به من المفاسد؛ (رجع إليه) ؛ الإيمان؛ أي: نوره؛ وكماله؛ فالمسلوب اسم الإيمان المطلق؛ لا مطلق الإيمان؛ ولا يلزم من ثبوت جزء من الإيمان أن يسمى " مؤمنا" ؛ كما أن من يكون معه جزء من الفقه لا يسمى " فقيها" ؛ فكذا يكون معه شيء من التقوى؛ ولا يسمى " متقيا" ؛ فالحديث على ظاهره؛ ولا ملجئ لتأويله؛ وأما ما هنا من المحامل؛ كحمله على [ ص: 368 ] المستحل؛ أو أنه خرج مخرج الزجر؛ والتنفير؛ أو على الحياء؛ أو نزع اسم المدح؛ فرخصة؛ ووصف الإيمان بالخروج؛ والدخول؛ مجاز؛ استعمل هنا على وجه الاستعارة؛ والتشبيه.

(هـ)؛ في السنة؛ (ك)؛ في الإيمان؛ (عن أبي هريرة ) ؛ قال الحاكم : صحيح؛ وأقره الذهبي ؛ وقال العراقي في أماليه: صحيح.



الخدمات العلمية