الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
343 - " إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله (تعالى)؛ فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم " ؛ (طس عد حل) ؛ عن عائشة ؛ (ض).

التالي السابق


(إذا أتى علي يوم لا أزداد فيه علما) ؛ طائفة من العلم؛ أو علما سنيا عزيزا؛ إذ التنكير للتعظيم والتفخيم؛ قال ابن حجر: والمراد بالعلم: الذي أمره الله (تعالى) بطلب الازدياد منه؛ ولم يأمره بطلب الازدياد من شيء إلا منه؛ قال: والمراد بالعلم: العلم الشرعي الذي يفيده معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته؛ ومداره على التفسير والحديث والفقه؛ إلى هنا كلامه؛ ولو كان لي من الأمر شيء لقلت: اللائق بمنصبه الشريف إرادة العلم بالله - سبحانه وتعالى - الذي هو أسمى المطالب؛ وأسمى المواهب؛ ثم رأيت بعض العارفين قال: أراد بهذه الزيادة من العلم علم التوحيد؛ المتعلق بالله (تعالى)؛ لتزيد معرفته بتوحيد الله؛ فتزيد رتبته في تحميده؛ وقد حصل له - عليه أفضل الصلاة والسلام - من العلوم والأسرار ما لا يبلغه أحد؛ (يقربني إلى الله - تعالى) ؛ أي: إلى رحمته؛ ومزيد رضاه؛ (فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليوم) ؛ دعاء؛ أو خبر؛ والقصد تبعيد نفسه من عدم الازدياد؛ وأنه دائم الترقي؛ وقد أراه الله (تعالى) لطائف في باب العلم؛ وآدابا لم يكن رآها؛ وفيوضات جزيلة لم يكن يعلمها؛ وصار تلقنه لذلك الإمداد بمنزلة الغذاء له؛ بل هو غذاء روحاني؛ فلو فرض انقطاعه عنه لحظة من نهار؛ لم يعده مباركا؛ والعلم لا ساحل له؛ ولا منتهى؛ وهو درجات؛ وبدؤه من العلي العليم؛ وكلما ارتقى الإنسان فيه درجة ازداد قربا من أعلم العالمين؛ والمراد: لا بورك لي في ذلك اليوم؛ وذكر طلوع الشمس إشارة إلى أنه كله من أوله إلى آخره كذلك؛ وذكر النهار مثال؛ فالليل كذلك؛ ويحتمل أن ذلك لأن محل تعلم العلم وتعليمه النهار؛ دون الليل؛ وقد كان دائم الترقي في كل لمحة؛ قال ابن سبع: ومن خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أنه كلف من العلم وحده ما كلفه الناس بأجمعهم؛ وكان مطالبا برؤية مشاهدة الحق؛ مع معاشرة الخلق؛ قال بعض الصوفية: وإنما طلب الزيادة من العلم لا من المال؛ لأن زيادة المال تورث الإنكار على صاحبها؛ واللائق بالرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - الاتصاف بما يتألف به القلوب؛ كالعلم؛ فإنه يزيد صاحبه كشفا؛ وإيضاحا؛ واتساعا؛ وانشراحا؛ وتميل إليه النفوس.

(تنبيه): قد يراد باليوم معناه المعروف؛ وقد يراد به القطعة من الزمان؛ وقد يراد به الدولة؛ والأنسب هنا إرادة الثاني؛ لولا ذكره طلوع الشمس.

(طس)؛ وفيه عنده بقية؛ صدوق ذو مناكير؛ والحكم بن عبيد الله ؛ عن الزهري ؛ قال الهيتمي: تركه الصوري وغيره؛ انتهى؛ وأورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين؛ وقال: متهم؛ وقال أبو حاتم : كذاب؛ (عد)؛ وفيه عنده سليمان بن بشار ؛ قال في الميزان: متهم بالوضع؛ وقال ابن حبان : وضع على الأثبات ما لا يحصى؛ ووهاه ابن عدي ؛ وسرد له من الواهيات عدة؛ هذا منها؛ قال في اللسان: ولفظ ابن عدي كان يقلب الأسانيد؛ ويسرق الحديث؛ فما أوهمه صنيع المؤلف من أن ابن عدي خرجه وأقره؛ غير صواب؛ (حل؛ عن عائشة ) ؛ وفيه عبد الرحمن بن عمر ؛ وقد أورده الذهبي في ذيل الضعفاء؛ وقال: ثقة مكثر ذو غرائب؛ [ ص: 241 ] تكلم فيه ابن الفرات؛ وفيه الحكم المذكور؛ وقد عرفت أنه كذاب؛ ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه؛ وأقره عليه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء الكبير؛ وذكر ابن العراقي أن المؤلف وافق ابن الجوزي على وضعه؛ لكن رأيته تعقبه في مختصر الموضوعات؛ فلم يأت بطائل سوى أن قال: له شاهد عند الطبراني ؛ وهو خبر: " من معادن التقوى تعلمك إلى ما علمت ما لم تعلم" ؛ وأنت خبير ببعد ما بين الشاهد؛ والمشهود.



الخدمات العلمية