الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
664 - " إذا سألتم الله (تعالى)؛ فاسألوه ببطون أكفكم؛ ولا تسألوه بظهورها " ؛ (د)؛ عن مالك بن يسار السكوني؛ (هـ طب ك) ؛ عن ابن عباس ؛ وزاد: " وامسحوا بها وجوهكم" ؛ (ح).

التالي السابق


(إذا سألتم الله - تعالى) ؛ جلب نعمة؛ (فاسألوه ببطون) ؛ قال الطيبي: الباء للآلة؛ ويجوز كونها للمصاحبة؛ كما مر؛ (أكفكم) ؛ لا بظهورها؛ فإنه غير لائق بالأدب؛ ولذلك زاد الأمر تأكيدا بتصريحه بالنهي عن ضده؛ فقال: (ولا تسألوه بظهورها) ؛ وذلك لأن من عادة من طلب شيئا من غيره أن يمد بطن كفه إليه؛ ليضع النائل فيها؛ كما مر؛ ولأن أصل شرعية الدعاء إظهار الانكسار بين يدي الجبار؛ والثناء عليه بمحامده؛ والاعتراف بغاية الذلة والمسكنة؛ وذلك ابتهال قولي؛ ولا بد في كمال إظهار الانكسار والافتقار من ضم الابتهال الفعلي إليه؛ وذلك بمد بطن الكف؛ على سبيل الضراعة إليه؛ ليصير كالسائل المتكفف؛ لأن يملأ كفه بما يسد به حاجته؛ ولا ينافيه خبر أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - استسقى؛ وأشار بظهر كفه إلى السماء؛ لأن معناه رفعها رفعا تاما؛ حتى ظهر بياض إبطيه؛ وصارت كفاه محاذيتين لرأسه؛ ملتمسا إلى أن يغمره برحمته؛ وذلك لمساس الحاجة إلى الغيث عند الجدب؛ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ؛ أما لو دعا بدفع نقمة؛ فبظهورها؛ كما في أخبار كثيرة.

(د)؛ في الدعاء؛ (عن مالك بن يسار السكوني) ؛ بفتح المهملة؛ وضم الكاف؛ وسكون الواو؛ آخره نون؛ نسبة إلى " السكون" ؛ بطن من كندة؛ نسب إليها خلق كثير؛ منهم هذا؛ وهو العوفي ؛ يعد في الشاميين؛ قال في المنار: ولا يعرف له غير هذا الحديث؛ كما قال ابن السكن ؛ لكنه ثقة؛ لكن فيه ضمضم الحضرمي؛ ضعفه أبو زرعة ؛ ووثقه غيره؛ (هـ هب ك) ؛ في الدعاء؛ (عن ابن عباس ؛ وزاد) ؛ أي: الحاكم ؛ في رواية عنه: (وامسحوا بها وجوهكم) ؛ أي: في غير القنوت؛ فلا يمسح وجهه فيه؛ كما في سنن البيهقي ؛ قال: لأنه لم يثبت فيه خبر؛ ولا أثر؛ ولا قياس؛ وأما الصدر؛ فلا يندب مسحه قطعا؛ بل نص جمع على كراهته؛ ذكره في الروضة؛ وفيه رد على ابن عبد السلام؛ في قوله: لا يمسح وجهه إلا جاهل؛ ومن ثم قيل: هي هفوة من عظيم؛ وقد رمز المؤلف لحسنه؛ وإنما لم يصح لأن فيه من الطريق الأولى من ذكر؛ ومن طريق الحاكم سعيد بن هبيرة؛ اتهمه ابن حبان ؛ ولهذا رد الذهبي على الحاكم تصحيحه.



الخدمات العلمية