الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
106 - " أتدرون ما العضه؟ نقل الحديث من بعض الناس إلى بعض؛ ليفسدوا بينهم " ؛ (خد هق) ؛ عن أنس .

التالي السابق


(أتدرون) ؛ أتعلمون؛ أو: أتعرفون؛ قال الراغب : " الدراية" : المعرفة المدركة بضرب من ضروب الحيل؛ وهو تقديم المقدمة؛ وإجالة الخاطر؛ واستعمال الروية؛ ولا يجوز أن يوصف بذلك البارئ؛ لأن معنى الحيل لا يصح عليه؛ ولم يرد به سمع فيتبع؛ وقول الشاعر:

لاهم لا أدري وأنت الداري

من تعجرف أجلاف الأعراب؛ (ما العضه؟) ؛ بفتح المهملة؛ وسكون المعجمة؛ وضم الهاء: البهتان الذي يحير؛ قال في الصحاح: " العضه" : الرمي بالبهتان؛ وقال في القاموس: " عضه" ؛ كـ " منع" ؛ كذب؛ وجاء بالإفك والبهتان؛ و" ...فلانا" ؛ أبهته؛ وقال فيه ما لم يكن؛ وسخر؛ ونم؛ انتهى؛ وعنون بالاستفهام؛ تنبيها على فخامة ما يلقيه من الكلام؛ وإشارة إلى أنه يتعين معرفته؛ ويقبح الجهل به؛ ولما قال ذلك قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: (نقل الحديث) ؛ أي: ما يتحدث به؛ (من بعض الناس إلى بعض ليفسدوا بينهم) ؛ أي: لأجل أن يفسد الناقلون - المفهومون من " نقل" - بين المنقول إليهم؛ والمنقول عنهم؛ وعبر بالجمع إشارة لاعتياده؛ واطراده بينهم؛ والمراد التحذير من نقل كلام قوم لآخرين؛ لإلقاء العداوة والبغضاء بينهم؛ وهذا هو النميمة التي هي كما قال جمع: نقل الحديث على وجه الإفساد؛ وهو من الكبائر؛ وقال الغزالي: حد النميمة كشف ما يكره كشفه؛ سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه؛ أو ثالث؛ سواء كان بقول؛ أو كتابة؛ أو رمز؛ أو إيماء؛ سواء كان عيبا؛ أو نقصا على المنقول عنه؛ أو لا؛ بل حقيقة النميمة إفشاء السر؛ وهتك الستر عما يكره كشفه.

(تتمة) : تبع رجل حكيما سبعمائة فرسخ؛ لأجل سبع كلمات؛ قال: أخبرني عن السماء؛ وما أثقل منها؛ وعن الأرض وما أوسع منها؛ وعن الحجر وما أقسى منه؛ وعن النار وما أحر منها؛ وعن الزمهرير وما أبرد منه؛ وعن البحر وما أغنى منه؛ وعن اليتيم وما أذل منه؛ فقال: " البهتان على البريء أثقل من السماء؛ والحق أوسع من الأرض؛ والقلب القانع أغنى من البحر؛ والحرص والحسد أحر من النار؛ والحاجة إلى الغير إذا لم تنجح أبرد من الزمهرير؛ وقلب الكافر أقسى من الحجر؛ والنمام إذا بان للناس أمره أذل من اليتيم.

(خد هق) ؛ كلاهما معا من حديث سنان بن سعد ؛ (عن أنس ) ؛ ابن مالك ؛ رمز المؤلف لحسنه؛ وليس كما قال؛ فقد أعله الذهبي في المهذب؛ متعقبا على البيهقي ؛ فقال: فيه سنان بن سعد ؛ وهو ضعيف.



الخدمات العلمية