الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1090 - " اصنع المعروف إلى من هو أهله؛ وإلى غير أهله؛ فإن أصبت أهله؛ أصبت أهله؛ وإن لم تصب أهله؛ كنت أنت أهله " ؛ (خط)؛ في رواة مالك ؛ عن ابن عمر ؛ وابن النجار ؛ عن علي؛ (ض).

التالي السابق


(اصنع المعروف) ؛ قال البيضاوي : هو ما عرف حسنه من الشارع؛ (إلى من هو أهله؛ وإلى غير أهله) ؛ أي: افعل مع أهل المعروف؛ ومع غيرهم؛ قال ابن الأثير: " الاصطناع" : اتخاذ الصنيع؛ (فإن أصبت أهله؛ أصبت أهله) ؛ قال ابن مالك : قد يقصد بالخبر المفرد بيان الشهرة؛ وعدم التغير؛ فيتحد بالمبتدإ لفظا؛ وقد يفعل هذا بجواب الشرط؛ نحو: " من قصدني؛ فقد قصدني" ؛ أي: قصد من عرف بالنجاح؛ واتحاد ذلك يؤذن بالمبالغة في تعظيم؛ أو تحقير؛ (وإن لم تصب أهله؛ كنت أنت أهله) ؛ لأنه (تعالى) يقول: ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ؛ والأسير في دارنا: الكافر؛ فأثنى على من صنع معه معروفا؛ بإطعامه؛ فكيف بمن أطعم موحدا؟! ولهذا قال الحبر: لا يزهدنك في المعروف كفران من كفره؛ فإنه يشكرك عليه من لم تصنعه معه.

(تنبيه) : قال الراغب : الفرق بين الصنع؛ والفعل؛ والعمل؛ أن الصنع إنما يكون من الإنسان؛ دون الحيوان؛ ولا يقال إلا لما كان بإجادة؛ والصنع قد يكون بلا فكر؛ لشرف فاعله؛ والفعل قد يكون بلا فكر لنقص فاعله؛ والعمل لا يكون إلا بفكر؛ لتوسط فاعله؛ والصنع أخص الثلاثة؛ والعمل أوسطها؛ والفعل أعمها؛ وكل صنع عمل؛ ولا عكس؛ وكل عمل فعل؛ ولا عكس؛ وهذا لا يعارضه ما مر؛ من أن المعروف إنما ينبغي أن يفعل مع أهل الحفاظ؛ وأن الله إذا أراد بعبد خيرا؛ جعل معروفه فيهم؛ لأن ما هناك عند وجود الأهل؛ وغير الأهل؛ فيعدل عن الأهل لغيرهم؛ وما ههنا فيما إذا لم يوجد إلا غير أهل؛ وهو محتاج؛ قال بعض الشراح: هذا الحديث أبلغ حث على استدامة صنائع المعروف؛ حتى يصير طبعا؛ لا يميز بين أهله؛ وهو من يعترف فيجازي ويشكر ويثني؛ وبين من لا يعترف؛ فلا يجازي ولا يثني؛ فإنه أكمل في المكارم؛ وأجزل في الثواب.

(تتمة) : قال بعضهم: وقع لوالي بخارى؛ وكان ظالما طاغيا؛ أنه رأى كلبا أجرب في يوم برد يرتعد؛ فأمر بعض خدمه بحمله لبيته؛ وجعله بمحل حار؛ وأطعمه؛ وسقاه؛ فقيل له في نومه: كنت كلبا؛ فوهبناك لكلب؛ فأصبح فمات؛ فكان له مشهد عظيم؛ لشفقته على كلب؛ وأين المسلم من الكلب؟! فافعل خيرا؛ ولا تبال فيمن لم يكن أهلا له؛ واطلب الفضائل لأعيانها؛ وارفض الرذائل لأعيانها؛ واجعل الخلق تبعا؛ ولا تقف مع ذمهم؛ ولا حمدهم؛ لكن قدم الأولى فالأولى؛ إن أردت أن تكون من الحكماء المتأدبين بآداب الله.

(خط؛ في رواية مالك ) ؛ ابن أنس ؛ (عن ابن عمر) ؛ ابن الخطاب ؛ (ابن النجار) ؛ في تاريخه؛ (عن علي) ؛ أمير المؤمنين ؛ قال الحافظ العراقي في المغني: وذكره الدارقطني أيضا في العلل؛ وهو ضعيف؛ أهـ؛ وذلك لأن فيه بشر بن يزيد الأزدي؛ قال في اللسان عن ذيل الميزان: له عن مالك مناكير؛ ثم ساق منها هذا الخبر؛ ثم عقبه بقوله: قال الدارقطني : إسناده ضعيف؛ ورجاله مجهولون؛ وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن بن بشير هذا؛ من حديثه عن أبيه عن مالك عن نافع عن ابن عمر ؛ وقال: إسناده مظلم؛ وخبر باطل؛ أطلق الدارقطني على روايته الضعف؛ والجهالة.



الخدمات العلمية